ماكرون في السعودية.. قفْزْ عن أزمة قرداحي واصطدام بجدار حزب الله
أوراق مسارات- مشهد وقراءة
ثمة أبعاد ودلالات عدة قفزت إلى الواجهة مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى قطر والإمارات والسعودية، لا سيما أن الجولة جاءت على وقع أزمة تعصف بعلاقات بيروت والرياض ومن خلفها عواصم خليجية داعمة
وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي، كان عنوان الأزمة والذي حاول الصمود في وجه الضغط الخليجي، إلا أنه قدم استقالته تحت ضغط التبعات السياسية والاقتصادية على بلده، وتحت ضغط ماكرون الذي هبط في الرياض بعد يوم واحد من الاستقالة، ليعلن عن مبادرة جديدة تهدف لإعادة تموضع العلاقات اللبنانية الخليجية وتحديدا بين بيروت والرياض صاحبة النفوذ التاريخي في لبنان، والذي بدأ يتآكل بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005
جورج قرداحي قدم استقالته تحت ضغط التبعات السياسية والاقتصادية على بلده وتحت ضغط ماكرون
بالنسبة لماكرون وهو أول زعيم غربي كبير يزور المملكة منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، ويدير ظهره لكل الانتقادات المتعلقة بما يمكن تسميه “تطبيع العلاقات مع دول خليجية يُنظر إليها في الغرب بوصفها قمعية ومتورطة بجرائم حرب”، فإنه لن يكف عن سعيه لترسيخ موطئ قدم لباريس في المنطقة من بوابة لبنان التي تمتلك فيها بلاده نفوذا استثنائيا
من جهة أخرى، “يستمتع” ماكرون بانعكاسات صفقات الأسلحة الضخمة مع السعودية والإمارات، على اقتصاد بلاده وعلى وضعه كرئيس، بما يصب في حملته الانتخابية، وأيضا في ظل سلسلة تحديات واجهها الرئيس كحركة السترات الصفر وجائحة كورونا وتداعياتها على الوضع الاقتصادي في فرنسا
بالعودة إلى السعودية بعيدا عن ماكرون، فيمكن القول إن لا لون ولا طعم ولا رائحة لانتصارها في المعركة ضد قرداحي، طالما أنها ما تزال ترتطم في لبنان بجدار حزب الله الذي تمكن من توسيع مساحات نفوذه على حساب الرياض، سواء فيما يتعلق بالقرارات على مستوى الدولة اللبنانية بما فيها الحكومة والبرلمان، أو فيما يتعلق بفرض الإيقاع والقوة في الشارع
بلغة الرياضة، فازت السعودية على حزب الله في واقعة قرداحي، لكن الحزب هو المتأهل في لبنان بفضل ما يملكه من فارق نقاط عن الرياض، ما يعني أن ذلك الفوز لا يعدوا في أفضل حالاته كونه رسالة تذكير وربما تحذير من مستقبل مجهول للأطراف كافة، طالما أن الخلافات أو الصراعات تمضي إلى مزيد من الاحتدام
فازت السعودية على حزب الله في واقعة قرداحي لكن الحزب هو المتأهل في لبنان
تراجع أو انحسار الدور السعودي في لبنان لا يعني أنه سينتهي بحكم معطيات الماضي والحاضر، وفي المقابل لن يفرط حزب الله المدعوم حتى النخاع من المحور الإيراني، بما حققه في بيروت من سطوة ونفوذ، ما يعني حتى عند أكثر المتفائلين أن البلد الذي عانى ما عاناه من صراعات واقتتالات ومآس، ويرزح حاليا تحت أزمات سياسية واقتصادية عاصفة، سيظل رهين شبح الخوف من المجهول وسيناريوهاته البشعة، طالما أن المتصارعين فيه ليسوا سوى أدوات لامتدادات خارجية يغني كل طرف فيها على ليلاه