الأزمة الأوكرانية … إيران مطمئنة وإسرائيل قلقة

مسارات – مشهد وقراءة

في الأسابيع الأخيرة، قامت طائرات سلاح الجو الروسي بالاشتراك مع مثيلاتها من سلاح الجو السوري، بطلعات استثنائية في جنوب سوريا، بمحاذاة الحدود الإسرائيلية في هضبة الجولان، وفوق شرق البحر المتوسط.

في الأثناء، تحدثت الأخبار عن تسيير دوريات مشتركة “روسية – سورية” في حرم ميناء اللاذقية، وطرد قوات الفرقة الرابعة التي كانت هي المسيطرة سابقاً.

هذا الدخول العسكري الروسي إلى الميناء سيكون بمثابة فيتو روسي على أي هجمات عسكرية إسرائيلية جديدة، بعد هجمتين متتاليتين على رصيف الحاويات في شهر كانون الأول الماضي.

شكل الطلعات الجوية الجديد، وما يجري في ميناء اللاذقية، يبدو أن الأمر يتعلق باستعراض قوة إقليمية تعتمدها موسكو، لكنها لا تخلو من رائحة الأزمة الأوكرانية، وإرسال الرسائل لواشنطن أن زمن التعاون مع تل أبيب في سوريا بات محل شك ومساومة.

إسرائيل تقلق أيضاً من مستوى إصغاء الإدارة الأمريكية لتهديد إيران في هذه الفترة، الذي من ناحيتها هو الأول في سلم التهديدات.

حيث كلما تم توجيه اهتمام أمريكا لما يحدث في أوكرانيا، سيصعب على إسرائيل إقناعها بمواصلة استخدام الضغط في المحادثات مع إيران الجارية في فيينا بشأن الاتفاق النووي.

وتقدر إسرائيل بفعل الأزمة الأوكرانية، بأن واشنطن ستخفف قدمها عن دواسة البنزين بالتدريج في القضية النووية كلما اشتدت المواجهة مع موسكو.

هذا السلوك سيمكن طهران من مواصلة إطالة الوقت، في حين تواصل التقدم في تخصيب اليورانيوم، مع تقصير “مسافة الاختراق” لإنتاج القنبلة في المستقبل حسب الهواجس الإسرائيلية.

موسكو في صدام كبير مع واشنطن بشأن الملف الأوكراني، تلك حقيقة ناصعة، حيث يراقب العالم عن كثب نتائج تلك المواجهة، إلى الآن، لا حلول وسط ولا تسويات واحتمالات التدهور كبيرة كما أن احتمالات الاحتواء واردة.

حتى نضبط مآلات الصراع في أوكرانيا، لا تبدو الأمور مرشحة لتسوية كبرى، فالحل التفاوضي لن يخرج عن كونه تكتيكيا، أما الحل العسكري فبعض مراكز التفكير الأميركية تراه قريبا لن يغادر منصف شباط، وتحرك بعض القطاعات العسكرية الأميركية للمنطقة يجعل التوتر استراتيجية أطول عمرا من التبريد.

بالمقابل، من يتابع الصحافة الإسرائيلية يرى أن ثمة قلق في تل أبيب من تطورات الأزمة الأوكرانية، محوره الكبير إيران ومدى استفادتها من الأزمة، لا سيما أن السلوك الإسرائيلي في سوريا بات على المحك.

من يتابع السلوك الروسي في سوريا يشعر أن موسكو تقلص من تعاونها مع إسرائيل بشأن “تسهيل” استهداف القطاعات الإيرانية في الأراضي السورية، كأنها ترسل برسائل لواشنطن أن المواجهة مفتوحة والخسائر متنامية.

بتقديرنا في مسارات، نرى أن الأزمة الأوكرانية إلى الآن تنشر القلق في إسرائيل، وهذا يفسر محاولات القادة السياسيين الإسرائيليين دعوة بوتين وزلسنكي لعقد لقاء في القدس، أما سبب القلق فعنوانه إيران وكم ستستفيد من كل ذلك.

القضبة الأوكرانية، ليست صراعا بين موسكو وكييف، تلك مجرد واجهة لصراع أميركي روسي أوسع، ستستخدم من خلال العاصمتين كل الأوراق، مما قد يصب في مصلحة دول ويشكل عبئا على دول أخرى.