تتناول هذه الورقة المشهد الأردني وتداخله مع مفاعيل عوامل داخلية معقدة، وأخرى إقليمية ودولية بالغة التأثير، ما يجعل من عملية تحديث المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أمرًا حتميًا وضروريًا، لا يمكن فصله عن سياق التحديات المحيطة، ففي ظل استمرار مخططات الاحتلال الإسرائيلي التي تسعى إلى تفتيت الأرض الفلسطينية وتهجير سكانها، إلى جانب التصعيد المتواصل في الضفة الغربية وقطاع غزة، يجد الأردن نفسه في قلب معادلة حساسة تتطلب موازنة دقيقة بين حماية حقوق الفلسطينيين، والحفاظ على الأمن الوطني، ومواجهة تداعيات النزاعات الإقليمية، لا سيما الأزمة السورية التي أضافت أبعادًا جديدة من التعقيد على المشهد السياسي والاجتماعي في المنطقة.

إلى جانب ذلك، يتعين على الأردن التعامل مع الأبعاد القانونية المرتبطة بالاعتراف بدولة فلسطين، والالتزامات الدولية تجاه حق العودة والمقاومة، وسط محاولات مستمرة لتغيير الوقائع على الأرض، إذ إن كل هذه التحديات تتقاطع مع الحاجة الماسة لإطلاق مشروع وطني شامل للتحديث السياسي والاقتصادي، يقوم على بناء مؤسسات قوية ومستقلة، وتنمية اقتصادية ذاتية مستدامة، وإعلام حر قادر على توعية المجتمع، ونظام تربوي حديث يعزز من الفكر النقدي ويهيئ الأجيال القادمة لمواجهة متطلبات القرن الواحد والعشرين.