غنيمات يكتب: اجتماعات العقبة نقطة الانطلاق نحو موقف موحد
الأهمية لا تتوقف عند البعد العربي؛ إذ يبرز البعد الدولي من خلال مشاركة الولايات المتحدة، التي تعد شريكًا رئيسيًا في صياغة معادلات التوازن في المنطقة، بالإضافة إلى ذلك، بعد الاستقرار في سوريا عاملًا أساسيًا لاستقرار المنطقة بأكملها، والتعامل مع هذه الأزمة بمنظور شمولي يمنع تحول سوريا إلى بؤرة تهديد مستدامة للمنطقة، ويحول دون انعكاسات كارثية قد تطال الجميع بلا استثناء.
إن هذه الاجتماعات، بما تحمله من أبعاد عربية ودولية، ترسم ملامح مرحلة جديدة في العمل الدبلوماسي، وتضع أسسًا قد تكون حاسمة لإعادة صياغة مستقبل سوريا والمنطقة. إلى جانب ذلك، الشق الثاني من هذه الاجتماعات، يتمثل في حضور تركيا الذي يشكل عنصرًا حاسمًا في صياغة مخرجاتها، نظرًا لدورها المركزي كدولة رئيسية تتعامل بشكل مباشر مع هيئة تحرير الشام وزعيمها أبو محمد الجولاني، ما يتيح لتركيا فرصة للاستماع إلى مواقف الكتلة العربية الموحدة والتعرف على توجهاتها، إضافة إلى الاطلاع على الرؤية الأميركية تجاه الأزمة السورية، بما قد تفضي الاجتماعات إلى نتائج تحمل انعكاسات جوهرية، تبدأ بتوحيد الموقف العربي الذي يعكس رؤية شاملة للحل في سوريا، مع التركيز على محاور أساسية تتعلق بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وضمان استقرارها وأمنها، والسير نحو مرحلة انتقالية عادلة تُحقق تطلعات الشعب السوري.
الشق الثالث من هذه الاجتماعات يرتبط بحضور مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا، الأمر الذي يضفي بُعدًا دوليًا بالغ أضفى بعدًا على هذا الحراك، فهذا الحضور يشير إلى تركيز متجدد على ضرورة تفعيل وتنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بالأزمة السورية، الأمر الذي يعكس التزامًا عالميًا بإيجاد حلول تعالج جذور الصراع وتعيد صياغة المشهد السوري بما يتماشى مع التوافقات الإقليمية والدولية. لذلك، من المتوقع أن تساهم هذه الاجتماعات في رسم ملامح مرحلة انتقالية تُبنى على أسس تضمن مراعاة وجهات النظر الأردنية والعربية، جنبًا إلى جنب مع الرؤية التركية. توقيت هذه الاجتماعات يكتسب أهمية خاصة، إذ يأتي في ظل تحولات إقليمية معقدة، ما يفتح الباب أمام احتمالات الربط بين التطورات في سوريا وما يجري في غزة. هذا يعني أن هذه المعادلة الجديدة قد تُفضي إلى طرح مسألة التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية كجزء من النقاشات، بما يعكس إدراك الأطراف المعنية لترابط الأزمات في المنطقة. ويجب أن يكون هناك تصور لسوريا المستقبل وسوريا الجديدة بحيث تقبل بكافة أطياف المجتمع وتحفظ حقوق الأقليات وتحافظ على حقوق المرأة وحرية التعبير وترسم خطوطا واضحة لكل طرف في سوريا الجديدة. اجتماعات العقبة في الأردن بحضور جميع المعنيين تعطي الوزن الحقيقي للدور الأردني كجار تربطه أطول حدود 375 كم الذي يلزم على الجميع معرفته وإدراكه.