غنيمات يكتب: مجلس النواب المقبل أمام "اختبار الثقة".. وهذه أبرز ملامحه
ومن المرتقب أن يبرز دور فاعل للكثير من الأسماء الجديدة التي سيكون أداؤها تحت المجهر، خصوصا أنها تصل لأول مرة إلى قبة البرلمان، بالإضافة إلى ترقب مشهد ساخن لهوية رئيس المجلس و"قيادات الصف الأول" في المجلس. وسيكون المجلس المقبل، أمام اختبار حقيقي لمدى قدرته على تغيير الصورة النمطية عن ضعف أداء المجلس واتساع هوة ثقة الأردنيين بمؤسسة البرلمان، وهذه وإن كانت مهمة صعبة، إلا أنها ليست مستحيلة إذا تمكنت الأحزاب تحديدا من خلق إيقاع عمل جماعي وبرامجي ينعكس بالتالي على صورة المجلس وأدائه بالمجمل. والأهمية الكبيرة في ذلك، أنها تؤسس لواقع مستقبلي جديد في الانتخابات البرلمانية التي تتدنى فيها نسب الاقتراع، وتشهد عزوفا من قبل أعداد كبيرة من الأردنيين، للانتقال إلى مرحلة يشعر فيها الأردنيون بأن إفرازات تحديث المنظومة السياسية المتعلقة بالأحزاب والبرلمان، جديرة بالفعل بأن يكونوا داعمين لها ولو بالمشاركة في الاقتراع فقط. النتائج قد تسفر عن إعادة تشكيل التوازنات السياسية داخل البرلمان، مما يُحدث ديناميكيات جديدة تعتمد على التحالفات الحزبية، التي يمكن أن تتيح منصة أوسع لجذب جمهور أكبر وتعزيز نطاق التأثير البرلماني. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يسهم دمج الأحزاب في توحيد الجهود وتحقيق تكامل أكبر في البرامج والسياسات الانتخابية، مما يجعل هذه الكيانات أكثر قدرة على مواجهة التحديات التي تفرضها البيئة السياسية المحلية. وبدلاً من تشتت الأصوات بين أحزاب صغيرة غير قادرة على المنافسة بفعالية، يمكن لهذه الأحزاب أن تتوحد تحت مظلة واحدة لتحقيق أهداف مشتركة وتعزيز الحضور البرلماني الفعّال. وبناء تحالفات استراتيجية بين الأحزاب الأقل قوة سيسمح لها بإعادة تنظيم صفوفها وزيادة فرص التأثير على مسار السياسة الوطنية. لا يقتصر هذا التحالف على تحسين الأداء الانتخابي فقط، بل يمنح الأحزاب أيضًا فرصة للمشاركة الفاعلة في صنع القرار والمساهمة في صياغة السياسات العامة. وتُبرز هذه الانتخابات أهمية تحديث المشهد السياسي في الأردن، بما يتماشى مع تطلعات جلالة الملك، إذ تتطلب التحولات الجارية في الساحة السياسية أحزابًا قادرة على التكيف مع التغيرات. وقد تكون هذه الانتخابات نقطة تحول تدفع باقي الأحزاب إلى تعزيز قدراتها للبقاء والمساهمة بفعالية في عملية صنع القرار. كما كشفت الانتخابات عن تحديات كبيرة، أبرزها ضعف المشاركة الشعبية، التي قد تكون ناجمة عن فقدان الثقة في قدرة المرشحين أو البرلمان على تحقيق التغيير المطلوب. وفي المقابل، برز تفوق جبهة العمل الإسلامي، الذي اعتمد على استراتيجيات دقيقة في حملاته الانتخابية مستفيدًا من معرفته العميقة باحتياجات قواعده الشعبية، هذا النجاح يضع الأحزاب الأخرى أمام تحدٍ لتحديث سياساتها واعتماد ممارسات جديدة تتلاءم مع المرحلة الراهنة. ونتج عن هذه الانتخابات 3 مفاجآت ثقيلة وهي: عدد المقاعد الكبير الذي فاز به حزب جبهة العمل الإسلامي، والنتائج المتواضعة للأحزاب السياسية خاصلة لتلك التي كان يتوقع أن تصبح منافسا للجبهة، وأخيرا مستوى الشفافية والمصداقية المرتفع وعدم التدخل في العملية الانتخابية. في المحصلة وضعت المعركة الانتخابية أوزارها، ويسجل تحقيق انتصار حقيقي وكبير ومؤازر للدولة بمؤسساتها السياسية والأمنية على مستوى التنسيق واستعادة الثقة والمصداقية، وهي نقطة تحول من الضروري أن نبني عليها وعدم الحكم على التجربة الحزبية بالفشل لأنها نجحت في خطوتها الأولى وعلينا إعطاء الفرصة كاملة لهذه التجربة.