مشروع  الناقل لوطني ودوره في الأمن المائي والغذائي في المملكة

مشروع  الناقل لوطني ودوره في الأمن

المائي والغذائي في المملكة

 





 

خلفية:

ندرة المياه ، أزمة بيئية ملحة تواجه المملكة الأردنية الهاشمية و تهدد مستقبلها

الاردن ، الدولة التي تتميز بصحاريها الوعرة وأنهارها القديمة، تواجه الآن واحدة من أشد حالات نقص المياه في العالم. مع التوسع السكاني السريع والضغوط المستمرة لتغير المناخ، وصلت ندرة المياه في الأردن إلى مستويات حرجة دفعت دفع الحكومة الاردنية إلى البحث عن حلول مبتكرة لضمان بقاء البلاد وازدهارها.

يظهر  المشروع الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر كإجابة الأردن الطموحة على هذا التهديد الوجودي.

 تمثل هذه المبادرة الضخمة خطوة رائدة في جهود المملكة لتسخير التكنولوجيا والتعاون الدولي لتأمين مستقبل مائي مستدام. من خلال اقتراح تحلية مياه البحر الأحمر ونقلها لمسافة تزيد عن 450 كيلو مترًا إلى المراكز المكتظة بالسكان والأراضي الزراعية الجافة في الأردن، لا يهدف المشروع إلى توفير شريان حياة لشعب الأردن فحسب، بل أيضًا إلى وضع معيار لحلول ندرة المياه في جميع أنحاء العالم.

ترتكز هذه الخطوة الاستراتيجية للأردن على حقيقة صارخة: وهي أن الأردن يصنف من بين الدول التي لديها أدنى مستوى من توافر المياه للفرد على مستوى العالم. وتتفاقم هذه الندرة بسبب الإفراط في استخراج المياه الجوفية، والاستخدام غير الفعال للمياه في الزراعة، وتأثيرات الصراعات الإقليمية التي أدت إلى مزيد من الضغط على الموارد. ولم تعد مصادر المياه التقليدية في المملكة كافية لتلبية الطلب المتزايد لمدنها وصناعاتها ومزارعها، مما يستلزم إعادة تفكير جذرية في سياسات وممارسات إدارة المياه.

إن مشروع الناقل الوطني هو أكثر من مجرد أعجوبة هندسية؛ إنه مظهر من مظاهر تصميم الأردن على التغلب على محنته الجغرافية والمناخية. يتضمن  المشروع انشاء  أحدث مرافق تحلية المياه القادرة على تحويل المياه المالحة في البحر الأحمر إلى مياه عذبة يتم نقلها بعد ذلك عبر شبكة واسعة من خطوط الأنابيب عبر الصحراء  الى المدن  و القرى  في الأردن. 

يهدف المشروع إلى تعزيز الأمن المائي في الأردن، وتمكين المملكة من تلبية احتياجات سكانها وزراعتها واقتصادها.

الى جانب الهدف المباشر المتمثل في زيادة إمدادات المياه، فإن مشروع الناقل الوطني يحمل وعدًا بتنشيط القطاع الزراعي في الأردن، وتعزيز الأمن الغذائي، وتعزيز التنمية الاقتصادية. ومن المتوقع أن توفر هذه المبادرة مصدراً موثوقاً للمياه لأغراض الري، وبالتالي دعم زراعة المحاصيل في المناطق القاحلة وتقليل اعتماد الأردن على الواردات الغذائية. 

علاوة على ذلك، من المتوقع أن يخلق المشروع آلاف فرص العمل، من البناء إلى التشغيل والصيانة، مما يضخ الحيوية في الاقتصاد الأردني.

يمثل مشروع الناقل الوطني أيضًا محورًا استراتيجيًا نحو تبني الشراكات بين القطاعين العام والخاص، حيث تسعى الحكومة الأردنية إلى التعاون مع الممولين الدوليين وخبراء التكنولوجيا والمشاركين من القطاع الخاص. يؤكد هذا النهج التعاوني التزام المملكة بالاستفادة من المعرفة والموارد العالمية لمعالجة أزمة المياه لديها.

مع شروع الأردن في تنفيذ المشروع الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر، فإنه يبعث برسالة واضحة إلى العالم حول الأهمية الحاسمة لمعالجة ندرة المياه من خلال الابتكار والتعاون والممارسات المستدامة. 

لا تهدف هذه المبادرة إلى تأمين الأمن المائي والغذائي في الأردن فحسب، بل هي أيضًا بمثابة نموذج للدول الأخرى التي تتصارع مع تحديات مماثلة. 

يطمح  الأردن من خلال هذا المشروع إلى تحويل ضعفه إلى قوة، مما يمهد الطريق لمستقبل لا تعود فيه ندرة المياه تهدد استقراره أو تعيق تطلعاته التنموية.

  • الصراع على المياه بين الأردن وإسرائيل:

تعود جذور الصراع على المياه بين الأردن وإسرائيل إلى السياق الأوسع للنزاعات الإقليمية حول موارد المياه المحدودة في الشرق الأوسط، حيث تعتبر المياه سلعة أساسية ونادرة. يتشكل هذا الصراع مثل العديد من الصراعات الأخرى في المنطقة، من خلال الظروف الجغرافية والمناخية للمنطقة، والمعاهدات التاريخية، والديناميات السياسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

السياق الجغرافي والمناخي:

يعتبر حوض نهر الأردن مركزيا في الصراع على المياه بين الأردن وإسرائيل. ويضم هذا الحوض نهر الأردن وروافده التي تتدفق عبر لبنان وسوريا وإسرائيل والأردن والأراضي الفلسطينية. وتتميز المنطقة بمناخها الجاف إلى شبه الجاف، مما يؤدي إلى تباينات كبيرة في توافر المياه وخلق منافسة على الموارد المائية.

يمكن إرجاع جذور الصراع إلى أوائل القرن العشرين عندما بدأت الحركة الصهيونية في الترويج للاستيطان اليهودي في فلسطين، مما أدى إلى زيادة الطلب والتنافس على مياه نهر الأردن. اشتد الصراع بعد إنشاء دولة إسرائيل عام 1948 والحروب العربية الإسرائيلية اللاحقة، مما أدى إلى تغييرات كبيرة في الأراضي ونزوح السكان.

معاهدة السلام 1994:

من المعالم الهامة في معالجة الصراع على المياه معاهدة السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل في عام 1994. وتضمنت هذه المعاهدة أحكاماً مفصلة بشأن تقاسم المياه والتعاون، والاعتراف بحقوق الأردن المائية في نهر الأردن ونهر اليرموك وتحديد تخصيص المياه من إسرائيل إلى الأردن. كما تضمن بنودا بشأن تطوير مشاريع المياه الجديدة وتدابير الحفاظ عليها.

القضايا الجارية:

وعلى الرغم من معاهدة السلام، لا تزال الخلافات حول تخصيص المياه واستخدامها وإدارتها مستمرة في الظهور، مما يعكس التوترات الأوسع في المنطقة. وكانت قضايا مثل سرقة المياه، وتأثير تغير المناخ الذي يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، ومشاريع البنية التحتية للمياه الأحادية الجانب من قبل إسرائيل، نقاط خلاف. ويزيد تزايد عدد سكان الأردن وموارد المياه المحدودة من الضغوط على الوضع.

لا يمكن النظر إلى الصراع على المياه بين الأردن وإسرائيل بمعزل عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع والسياسة الإقليمية. فلا تزال الموارد المائية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والسيطرة على طبقات المياه الجوفية، والوصول إلى نهر الأردن، من القضايا المثيرة للجدل في عملية السلام. بالإضافة إلى ذلك، يلعب التعاون الإقليمي ودور الجهات الفاعلة الدولية دورًا حاسمًا في إدارة النزاعات المتعلقة بالمياه وحلها.

إن الصراع على المياه بين الأردن وإسرائيل معقد، ويتأثر بمزيج من الاحداث التاريخية، والاعتبارات الجيوسياسية، والتحديات البيئية. ورغم أن معاهدة السلام لعام 1994 وفرت إطاراً للتعاون وحل الصراعات، فإن الطبيعة الديناميكية لسياسة المنطقة والقضية الملحة المتمثلة في ندرة المياه تعني أن المياه تظل مورداً بالغ الأهمية وربما مثيراً للجدل. 

اتفاقية الماء مقابل الكهرباء:

من وجهة نظر الأردن، فإن قرار إلغاء اتفاقية المياه والطاقة المخطط لها مع إسرائيل متشابك بعمق مع السياق الأوسع للسياسة الإقليمية والتوترات التاريخية والحاجة الملحة لمعالجة المخاوف الإنسانية. خرج الاتفاق الذي كان خطوة مهمة نحو تعزيز معالجة ازمة المياه  عن مساره بسبب العدوان الصهيونى على  اهالي غزة، 

جاء قرار الأردن بوقف الاتفاق على خلفية التزامه بالاستقرار الإقليمي وحماية الحقوق الفلسطينية  .

تعكس خطوة الأردن مبدأ دبلوماسيا أوسع مفاده أنه لا يمكن عزل اتفاقات السلام والتعاون عن السياق العام للسياسة الإقليمية والاعتبارات الأخلاقية.

 كانت معاهدة السلام لعام 1994 بين الأردن وإسرائيل، التي أنهت عقودا من الصراع وأقامت علاقات دبلوماسية، حجر الزاوية في الاستقرار النسبي بين البلدين. ومع ذلك، يتم اختبار هذا الأساس باستمرار من خلال الديناميات المتقلبة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مما يؤثر على جميع جوانب العلاقات الأردنية الإسرائيلية، بما في ذلك الاتفاقات المتعلقة بالمياه والطاقة.

علاوة على ذلك، فإن موقف الأردن هو مظهر من مظاهر دوره كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط، حيث يوازن بين مصالحه الاستراتيجية والتزاماته التاريخية والأخلاقية. غالبا ما وضعت المملكة نفسها كوسيط ومدافع عن السلام، وتدعم حل الدولتين وحقوق الفلسطينيين. لذلك، فإن إلغاء اتفاقية المياه والطاقة ليس مجرد رد فعل على حدث واحد ولكنه انعكاس لسياسة الأردن الخارجية الأوسع وتفانيها في التنقل في النسيج المعقد لسياسات الشرق الأوسط بنهج مبدئي.

 

 من وجهة نظر الأردن، يؤكد إلغاء اتفاقية المياه والطاقة مع إسرائيل على إعطاء الأولوية للشواغل الإنسانية والاستقرار الإقليمي على صفقات التعاون الثنائي. إنه يسلط الضوء على تعقيد موقف الأردن في الشرق الأوسط، العالق بين ضرورات معالجة النقص الحاد في الموارد والحفاظ على التزام ثابت بالسلام والعدالة في المنطقة. هذا القرار، في حين أنه نكسة للتعاون الأردني الإسرائيلي، إلا أنه بمثابة تذكير بالطبيعة المترابطة للسياسة الإقليمية وتحديات متابعة التنمية والتعاون في ظل الصراع المستمر.

 

 


 

العجز المائي في المملكة: 

الأمن المائي هو جانب حاسم من جوانب الأمن العالمي والوطني، ويشمل توافر الموارد المائية والوصول إليها وإدارتها لتلبية الاحتياجات الصحية والاقتصادية والبيئية للسكان. إنه ينطوي على ضمان الوصول المستدام إلى كميات كافية من المياه الجيدة المقبولة للحفاظ على سبل العيش ورفاه الإنسان والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وضمان الحماية من التلوث الذي تنقله المياه والكوارث المتعلقة بالمياه، والحفاظ على النظم الإيكولوجية في مناخ من السلام والاستقرار السياسي.

تحديات الأمن المائي في الأردن:

يواجه الأردن تحديات كبيرة في مجال الأمن المائي، مما يجعله واحدا من أكثر البلدان ندرة في المياه

في العالم. هذه التحديات مدفوعة بمجموعة من العوامل:

  1. المناخ القاحل: يقع الأردن في منطقة شبه قاحلة، ويتلقى أمطارا سنوية محدودة، مما يقيد توافر المياه العذبة.
  2. ارتفاع النمو السكاني: شهدت البلاد نموا سكانيا سريعا، بما في ذلك تدفق كبير من اللاجئين، مما وضع ضغطا إضافيا على مواردها المائية.
  3. الاستغلال المفرط لطبقات المياه الجوفية: لتلبية الطلب المتزايد، كان الأردن يستخرج المياه من طبقات المياه الجوفية بشكل أسرع مما يمكن تجديدها، مما يؤدي إلى استنزاف وتدهور موارد المياه الجوفية الحيوية هذه.
  4. المياه السطحية المحدودة: يوجد في الأردن عدد قليل من الأنهار والبحيرات، مع كون نهر الأردن مصدرا رئيسيا. ومع ذلك، انخفض توافر المياه في النهر بسبب تحويل المنبع من قبل البلدان المجاورة.
  5. الطلب الزراعي: تستهلك الزراعة نسبة كبيرة من إمدادات المياه في الأردن، وهناك تحد مستمر لتحقيق التوازن بين استخدام المياه لإنتاج الغذاء والاحتياجات المنزلية والصناعية.
  6. تغير المناخ: تؤدي آثار تغير المناخ إلى تفاقم ندرة المياه في الأردن، مع تنبؤات بحالات جفاف وموجات حر أكثر شدة، مما يقلل من توافر المياه.

العجز المائي بلغة الأرقام:

  1. تبلغ حاجة الأردن من المياه حوالي 3 ملايين متر مكعب يوميا، حيث يبلغ نصيب الفرد من الاستهلاك 90 مترا مكعبا، وهو أقل بكثير من خط الفقر المائي الدولي البالغ 500 متر مكعب للفرد سنويا.
  2.  تشير التوقعات إلى عجز في قطاع مياه الشرب يبلغ حوالي 45 مليون متر مكعب في عام 2022، مما يساهم في عجز إجمالي في المياه يتجاوز 450 مليون متر مكعب سنويا.
  3.  من المتوقع أن يواجه أكثر من 90٪ من السكان ذوي الدخل المنخفض في الأردن انعداما شديدا في الأمن المائي بحلول نهاية القرن، مع احتمال انخفاض نصيب الفرد من المياه إلى 60 مترا مكعبا بحلول عام 2040.
  4.  يفقد نهر الأردن، وهو مصدر مياه حاسم للأردن، 85٪ من مياهه بسبب التبخر، مما يسلط الضوء على التحديات التي يواجها الأردن في تأمين الموارد المائية.
  5.  لا تزال المياه الجوفية، التي تعاني من الاستنزاف المستمر وتمثل حوالي 56٪ من استخدام المياه في الأردن، حيوية للشرب والاستخدامات الأخرى المختلفة.
  6.  يوضح بناء سد الكرامة في وادي الأردن، بهدف تخزين 55 مليون متر مكعب من المياه للزراعة، إلى جانب استخراج 100 مليون متر مكعب من المياه من حوض الديسي بتكلفة 970 مليون دولار، جهود الأردن للتخفيف من نقص المياه.
  7. يعد الأردن أحد أكثر خمس دول تعاني من شح المياه في العالم، مما يجعل كل قطرة ماء أغلى من النفط من حيث القيمة المحلية.
  • انخفض هطول الأمطار في الأردن بنسبة 20٪ في العقود الأخيرة، مما أثر على السدود وإعادة شحن المياه الجوفية، والتي تعتمد كليا على مياه الأمطار.
  • في عام 2021، جفت العديد من السدود الأردنية، مع انخفاض كميات المياه في البعض الآخر إلى أقل من 5٪ من سعتها التخزينية، مما أدى إلى انخفاض حوالي 80 مليون متر مكعب في مخزونات مياه السدود مقارنة بالعام السابق للسدود المستخدمة لأغراض الشرب.
  • تم الإعلان عن جفاف ستة من أصل 17 سدا كبيرا وصغيرا ومتوسطا الحجم في خريف عام 2021، مما يسلط الضوء على أزمة المياه في البلاد.
  • صرح وزير المياه والري الأردني أن توسيع بناء السدود ليس حلا قابلا للتطبيق بسبب كفاية العدد الحالي من السدود بالنسبة لمعدلات هطول الأمطار.
  • لا يوجد في الأردن سوى 10٪ من كميات المياه اللازمة للاكتفاء الذاتي الغذائي، حيث يتوفر 1.1 مليار متر مكعب مقابل الحاجة إلى 11 مليار متر مكعب سنويا لإنتاج الغذاء، مما يؤكد على الصلة الحاسمة بين المياه والأمن الغذائي في البلاد.

 

الامن الغذائي في الأردن:

يعد الأمن الغذائي في الأردن مصدر قلق ملح، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى المناخ الجاف في البلاد، وموارد المياه المحدودة، والاعتماد على الواردات الغذائية. كدولة صحراوية حيث إن أكثر من 90٪ من أراضيها مصنفة على أنها قاحلة أو شبه قاحلة، يواجه الأردن تحديات كبيرة في مجال الإنتاج الزراعي. وتؤدي هذه القيود البيئية، إلى جانب تزايد عدد السكان وعدم الاستقرار الإقليمي، إلى تفاقم قضايا الأمن الغذائي في البلاد.

يعد اعتماد الأردن على الواردات الغذائية ملحوظا، حيث تشير التقديرات إلى أن البلاد تستورد أكثر من 90٪ من احتياجاتها الغذائية. وهذا الاعتماد الكبير يجعل الأردن عرضة لتقلبات السوق العالمية واضطرابات سلسلة التوريد، مما قد يؤدي إلى تقلب الأسعار ويؤثر على القدرة على تحمل تكاليف الغذاء وتوافره لسكانه. على الرغم من أن القطاع الزراعي لا يساهم إلا بجزء صغير من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، إلا أنه يعد حاسما لمعيشة جزء من السكان ولإنتاج بعض المواد الغذائية الأساسية.

6% من سكان الأردن يحصلون على شكل من أشكال المساعدة من برنامج الأغذية العالمي. الأردن الذي يبلغ عدد سكانه 10.9 مليون نسمة، لديه 70% من أشجار الزيتون مزروعة من خلال مشاريع برنامج الأغذية العالمي بالشراكة مع الحكومة (برنامج الأغذية العالمي).

درجة مؤشر الأمن الغذائي: حصل الأردن على درجة 8.8 على مؤشر الجوع العالمي لعام 2020، مما يصنفه كدولة تتمتع بالأمن الغذائي. ومع ذلك، فإن هذا يواجه تحديًا يتمثل في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وبطء النمو الاقتصادي، وزيادة تكاليف المعيشة (برنامج الأغذية العالمي).

انعدام الأمن الغذائي للاجئين: أظهر تحليل مواطن الضعف ورسم الخرائط المتنقلة (mVAM) الذي أجراه برنامج الأغذية العالمي في يونيو 2021 أن 23.4% من اللاجئين في الأردن يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بالإضافة إلى 60% معرضين لانعدام الأمن الغذائي (برنامج الأغذية العالمي).

تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد والبطالة: أدى التأثير الاجتماعي والاقتصادي لفيروس كورونا إلى انكماش اقتصادي كبير، حيث وصل معدل البطالة في الأردن إلى 25% في الربع الأول من عام 2021، ووصلت معدلات البطالة بين الشباب إلى 50%. وأدى الوباء إلى تفاقم نقاط الضعف، بما في ذلك انعدام الأمن الغذائي ونقص التعليم (برنامج الأغذية العالمي، )

 

 


 

 

مشروع الناقل الوطني:

مشروع الناقل الوطني الأردني للمياه، المعروف أيضا باسم مشروع تحلية المياه ونقل المياه في العقبة-عمان، هو مشروع بنية تحتية محورية يهدف إلى معالجة ندرة المياه الحادة في الأردن، وهو أحد أكثر التحديات إلحاحا في البلاد. مع تصنيف الأردن كثاني أكثر البلدان ندرة في المياه في العالم، لا يمكن المبالغة في أهمية هذا المشروع. إنه يمثل خطوة كبيرة نحو ضمان الأمن المائي لسكان الأردن المتزايدين، الذين تعرضوا لمزيد من التوتر بسبب تدفق اللاجئين.

يتمحور المشروع حول بناء محطة لتحلية المياه على الشاطئ الجنوبي للعقبة، والاستفادة من مياه البحر الأحمر. تتضمن هذه المبادرة نظاما شاملا لسحب مياه البحر يفي بالمعايير البيئية الصارمة لحماية النظام البيئي البحري وضمان جودة المياه المنتجة. البنية التحتية للمشروع واسعة النطاق، وتضم محطات الضخ والخزانات وخط أنابيب بطول 450 كيلومترا مصمم لنقل ما يقرب من 300 مليون متر مكعب من المياه المحلاة سنويا من العقبة إلى عمان ومناطق أخرى على طول طريقها.

تؤكد الحقائق الديموغرافية والبيئية في الأردن على الحاجة الملحة لمشروع الناقل الوطني للمياه. تواجه المملكة نموا سكانيا هائلا وتحديات استضافة عدد كبير من اللاجئين، مما يدفع مواردها المائية إلى ما دون خط الفقر المائي العالمي. لا يتعلق المشروع فقط بالتخفيف من الإجهاد المائي الحالي، ولكنه مبادرة تطلعيه تهدف إلى تأمين إمدادات مياه مستدامة للأجيال القادمة.

إنه عنصر حاسم في استراتيجية المياه الأوسع نطاقا في الأردن، والتي تشمل أيضا الجهود المبذولة لزيادة كفاءة استخدام المياه والحد من الخسائر الناجمة عن التسرب والاستخدام غير القانوني

يعد مشروع الناقل الوطني للمياه شهادة على نهج الأردن الاستباقي للاستفادة من التكنولوجيا والابتكار لمواجهة تحدياته البيئية. من خلال التحول إلى تحلية المياه - وهي عملية تم توظيفها بنجاح في أجزاء مختلفة من العالم تواجه قضايا ندرة المياه المماثلة - يهدف الأردن إلى إنشاء إمدادات مياه موثوقة وآمنة يمكن أن تدعم احتياجات سكانها وكذلك متطلبات قطاعيه الزراعي والصناعي.

تعد هذه المبادرة أولوية استراتيجية للمملكة، مما يعكس التزامها بمعالجة قضية ندرة المياه بشكل وجه. حصل المشروع على اعتراف دولي، حيث فاز بجائزة "أفضل مشروع استراتيجي لعام 2019" في منتدى قيادة البنية التحتية في ملقة، إسبانيا، حيث تنافس مع أكثر من 100 مشروع عالمي. لا يسلط هذا التكريم الضوء على الأهمية الاستراتيجية للمشروع فحسب، بل يضع الأردن أيضا في طليعة معالجة تحديات ندرة المياه العالمية من خلال مشاريع البنية التحتية المبتكرة.

إن الحجم المالي واللوجستي لمشروع الناقل الوطني للمياه كبير، بتكلفة تقدر بمبلغ 2.5 مليار دولار. إنها من بين أكبر مشاريع البنية التحتية في تاريخ الأردن، مما يدل على تفاني المملكة في الاستثمار في الحلول المستدامة لأزمة المياه. من المتوقع أن يعمل المشروع بكامل طاقته بحلول عام 2027، مما يمثل معلما هاما في جهود الأردن لضمان الأمن المائي ودعم تنميته الاجتماعية والاقتصادية

يمثل مشروع الناقل الوطني للمياه استثمارا حاسما في مستقبل الأردن، حيث يعالج كل من تحديات ندرة المياه الفورية والطويلة الأجل. يؤكد على أهمية الحلول المبتكرة في معالجة القضايا البيئية ويسلط الضوء على دور الأردن

الية عمل الناقل:

  1.  سحب مياه البحر: يتم سحب مياه البحر من البحر الأحمر، مع الالتزام بالمعايير البيئية لحماية النظام البيئي البحري.
  2. تحلية المياه: تخضع مياه البحر المسحوبة لتحلية المياه في المحطة الواقعة على الشاطئ الجنوبي للعقبة، مما يحولها إلى مياه عذبة.
  3. محطات الضخ والتخزين: ثم يتم ضخ المياه المحلاة في صهاريج التخزين من خلال محطات الضخ ذات المواقع الاستراتيجية لضمان اتساق ضغط المياه وإمداداتها.
  4. النقل عبر خط الأنابيب: ينقل خط أنابيب طوله 450 كيلومترا المياه العذبة من العقبة إلى مناطق مختلفة، بما في ذلك عمان ومحافظات أخرى.
  5. توزيع: تصل المياه إلى وجهتها حيث يتم توزيعها لتلبية احتياجات الشرب والزراعة والصناعية لأربعة ملايين فرد في المملكة.

 

 


 

 

تأثير مشروع الناقل الوطني على الامن البيئي والغذائي:

يمثل مشروع الناقل الوطني للمياه في الأردن خطوة مهمة نحو معالجة القضية الحرجة المتمثلة في ندرة المياه التي تصيب الأمة. من خلال الاستفادة من تكنولوجيا التحلية المتقدمة لمعالجة مياه البحر الأحمر، تهدف المبادرة إلى إنشاء إمدادات مياه موثوقة لمختلف الاستخدامات، بما في ذلك الشرب والزراعة والصناعة. هذا المسعى بالغ الأهمية بشكل خاص بالنسبة للأردن، وهو بلد يتميز بموارده المائية المحدودة، والتي تزداد توترا بسبب تزايد عدد السكان وآثار تغير المناخ.

الآثار المترتبة على هذا المشروع على الأمن الغذائي متعددة الأوجه ومفيدة للغاية:

  1. زيادة الإنتاج الزراعي: يمكن أن يؤدي توفير المياه المحلاة مباشرة للمناطق الزراعية إلى زيادة ملحوظة في الإنتاجية الزراعية. مع توفر المزيد من المياه للري، يمكن للمزارعين زراعة مساحات أكبر وربما إدخال مجموعة متنوعة من المحاصيل. هذه الزيادة في الإنتاج ضرورية لبلد مثل الأردن، حيث تعد الأراضي الصالحة للزراعة وإمدادات المياه عوامل مقيدة. تساهم الإنتاجية الزراعية المعززة بشكل مباشر في الأمن الغذائي من خلال زيادة توافر الغذاء داخل البلاد.
  2. الحد من الاعتماد على الواردات الغذائية: يعتمد الأردن، مثل العديد من البلدان ذات الموارد المائية المحدودة، بشكل كبير على الواردات الغذائية لتلبية احتياجات سكانه. من خلال تعزيز الإنتاج الزراعي المحلي من خلال مشروع الناقل الوطني للمياه، يمكن للأردن أن يقلل من اعتماده على الأغذية المستوردة. هذا التحول ليس لديه القدرة على تحسين السيادة الغذائية فحسب، بل أيضا على تعزيز مرونة النظام الغذائي المحلي ضد اضطرابات سلسلة التوريد العالمية وتقلب أسعار السوق الدولية.
  3. دعم التنمية الريفية: يمتد تأثير المشروع إلى ما هو أبعد من الفوائد الزراعية المباشرة. من خلال زيادة توافر المياه في المناطق الريفية، فإنها تضع الأساس للتنمية الريفية الشاملة. وهذا لا يشمل فقط توسيع الأنشطة الزراعية، ولكن أيضا خلق فرص عمل داخل القطاع الزراعي والصناعات ذات الصلة. يمكن أن تؤدي التنمية الريفية، المدعومة بالمياه المستدامة والممارسات الزراعية، إلى تحسين الظروف المعيشية والاستقرار الاقتصادي والحد من ضغوط الهجرة إلى المناطق الحضرية.

علاوة على ذلك، يجسد المشروع نهجا استراتيجيا للتنمية المستدامة، يتماشى مع الأهداف العالمية التي تهدف إلى ضمان توافر المياه والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي للجميع. من خلال معالجة القضية الحاسمة المتمثلة في ندرة المياه من خلال الابتكار والممارسات المستدامة، يشكل الأردن سابقة للدول الأخرى التي تواجه تحديات مماثلة.

في الختام، مشروع الناقل الوطني للمياه في الأردن هو أكثر من مجرد مسعى للبنية التحتية للمياه؛ إنه مبادرة شاملة تهدف إلى تأمين مستقبل المياه والغذاء في البلاد. يمكن أن يكون نجاحها بمثابة نموذج للمناطق القاحلة وشبه القاحلة الأخرى في جميع أنحاء العالم، مما يدل على إمكانات التكنولوجيا والتخطيط الاستراتيجي في التغلب على التحديات البيئية والقائمة على الموارد.

 

 


 

 

الإطار العام والدعم الدولي:

حجر الزاوية في استراتيجية تمويل المشروع هو أكثر من 2.2 مليار دولار من التمويل الذي حصل عليه، مما يعرض مستوى غير مسبوق من الاستثمار في البنية التحتية للمياه في الأردن. تلعب مؤسسة التمويل الدولية دورا محوريا، حيث تقدم قرضا كبيرا يصل إلى 400 مليون دولار. لا يؤكد هذا الاستثمار الثقة في قدرة الأردن على تنفيذ مثل هذا المشروع الضخم فحسب، بل يشير أيضا إلى التزام دولي قوي بدعم الجهود العالمية لاستدامة المياه. تتضمن حزمة التمويل أيضا مساهمات من مختلف الجهات المانحة الدولية والمؤسسات المالية، مما يعكس الأهمية العالمية للمشروع والجهد التعاوني لمكافحة ندرة المياه.


 

نظرة عامة فنية والتنفيذ:

في قلب مشروع الناقل الوطني الأردني للمياه هو الاستخدام المبتكر لتكنولوجيا تحلية المياه. من خلال الاستفادة من موارد المياه الهائلة في البحر الأحمر، يهدف المشروع إلى تحلية المياه على نطاق غير مسبوق، مما يجعلها مناسبة للاستهلاك البشري والاستخدام الزراعي. سيتم بعد ذلك نقل المياه المحلاة لأكثر من 300 كيلومتر إلى العاصمة عمان ومناطق أخرى، مما يمثل إنجازا هندسيا كبيرا. لن يساعد هذا فقط في تخفيف نقص المياه الحالي، بل سيساهم أيضا في الأمن المائي على المدى الطويل والمرونة في البلاد ضد تغير المناخ.

ينقسم المشروع إلى عدة مراحل رئيسية، بما في ذلك بناء محطة تحلية المياه في العقبة، ووضع شبكة خطوط أنابيب لنقل المياه إلى عمان، وتطوير البنية التحتية لتوزيع المياه في جميع أنحاء البلاد. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن المشروع مكونات تهدف إلى حماية البيئة والإدارة المستدامة للموارد المائية، مما يضمن أن فوائد المشروع تتجاوز الاحتياجات المائية الفورية

 

التحديات والاتجاهات المستقبلية:

على الرغم من فوائده العديدة، يواجه المشروع تحديات، بما في ذلك التعقيدات التقنية لتحلية المياه ونقل المياه، وإدارة الآثار البيئية، والحاجة إلى استثمارات مالية كبيرة. ومع ذلك، فإن التخطيط الشامل والدعم الدiولي وراء المشروع يشيران إلى أساس قوي للتغلب على هذه العقبات.

تم إجراء تقييمات بيئية شاملة لفهم الآثار البيئية المحتملة لمثل هذا المشروع الواسع النطاق لتحلية المياه والنقل، 

تهدف هذه التقييمات إلى تقليل البصمة البيئية للمشروع، لا سيما من حيث عملية تحلية المياه وبناء خطوط الأنابيب. يتضمن المشروع أحدث التقنيات للحد من استهلاك الطاقة وانبعاثات غازات الدفيئة المرتبطة بتحلية المياه، مما يجعلها واحدة من أكثر المبادرات الصديقة للبيئة من نوعها.

علاوة على ذلك، تتضمن خطط المشروع تدابير للإدارة المستدامة لتصريف المحلول المالحي، وهو منتج ثانوي لعملية تحلية المياه، مما يضمن حماية النظم الإيكولوجية البحرية. يؤكد النظر المتأني في الآثار البيئية على التزام الأردن بالموازنة بين الحاجة الملحة للمياه وضرورة حماية الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي.

من المتوقع أن يكون لمشروع الناقل الوطني الأردني للمياه آثار اجتماعية واقتصادية عميقة، مما يفيد بشكل مباشر الملايين من الأردنيين. من خلال تأمين إمدادات مياه موثوقة، سيحسن المشروع بشكل كبير الظروف المعيشية والصحة العامة والأمن الغذائي. سيكون له أيضا تأثير مضاعف على الاقتصاد، مما يتيح توسيع الأنشطة الزراعية، ودعم التنمية الصناعية، وجذب استثمارات جديدة إلى المنطقة.

علاوة على ذلك، ينظر إلى المشروع على أنه محفز للتعاون الإقليمي بشأن قضايا المياه، مما يشكل سابقة لإدارة المياه العابرة للحدود والتعاون. من خلال إظهار جدوى مبادرات تحلية المياه والنقل المائي على نطاق واسع، يمكن لمشروع الأردن أن يلهم جهودا مماثلة في المناطق الأخرى الشحيرة للمياه، مما يساهم في استدامة وأمن المياه على الصعيد العالمي.

 

الخاتمة:

يلخص مشروع الناقل الوطني للمياه في الأردن استجابة استراتيجية للتحديات الملحة المتمثلة في ندرة المياه والأمن الغذائي التي تواجهها الدول القاحلة. من خلال تسخير تكنولوجيا تحلية المياه المتقدمة للاستفادة من مياه البحر الأحمر، تعد هذه المبادرة الرائدة بتعزيز توافر المياه في الأردن للشرب والزراعة والصناعة بشكل كبير. يقف المشروع كمنارة للابتكار، بهدف توفير حل مستدام للطلب المتزايد على الموارد المائية المحدودة في البلاد.

الآثار المتوقعة على الأمن الغذائي عميقة. من خلال زيادة توافر المياه للزراعة، من المتوقع أن يعزز المشروع الإنتاج الزراعي، مما يتيح توسيع الأراضي المزروعة وتنويع المحاصيل. هذه الزيادة في الإنتاج الغذائي المحلي أمر بالغ الأهمية للحد من اعتماد الأردن على الواردات الغذائية.

وبالتالي تعزيز السيادة الغذائية الوطنية والاستقرار الاقتصادي. علاوة على ذلك، لا يمكن المبالغة في دور المبادرة في دعم التنمية الريفية، لأنها تعد بخلق فرص عمل جديدة في الزراعة، وتعزيز النمو الاقتصادي ومرونة المجتمع في المناطق الريفية.

في جوهره، مشروع الناقل الوطني للمياه هو أكثر من مجرد مشروع بنية تحتية؛ إنه نهج شامل لمعالجة القضايا المتشابكة المتمثلة في ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي. لا يمكن لنجاحها أن يحول المشهد الأردني فحسب، بل يقدم أيضا رؤى قيمة ونموذجا قابلا للتكرار للبلدان الأخرى التي تتصارع مع تحديات مماثلة. يؤكد هذا المشروع على أهمية الحلول المبتكرة والمستدامة في تأمين مستقبل الأمن المائي والغذائي على نطاق عالمي.

 

 


 

اعداد : نرمين نايل  الزوغه - مسارات الاردنية للتنمية و التطوير