مسارات تنظم جلسة حوارية حول قانون الجرائم الإلكترونية

أكد خبراء وإعلاميون على أهمية تعديل قانون الجرائم الإلكترونية بما يوائم الحريات الإعلامية واعطاء مساحة أوسع للصحفيين بصورة لا تقيدهم وتساهم في استمرار سياسة تكميم الأفواه.

وشدد الحضور خلال جلسة حوارية بعنوان " قانون الجرائم الإلكترونية" ضمن مشروع "البيئة الممكّنة لتعزيز الحريات الديمقراطية وسيادة القانون" ، الذي تعقده مؤسسة مسارات الاردنية للتنمية و التطوير بالمشاركة مع مؤسسة فريدريش ايبرت الالمانيه على أهمية أن تقوم كافة الجهات دورها سواء برلمان وحكومة ومؤسسات مجتمع مدني في تطويروتحسين البيئة الإعلامية لتمارس دورها.

إيجاد البيئة الممكنة للاصلاح

من جهته قال نائب رئيس مجلس أمنا

 مؤسسة مسارات للتنمية والتطوير النائب عمر العياصرة أننا في المؤسسة سعينا من خلال مشروع البيئة الممكّنة لتعزيز الحريات الديمقراطية وسيادة القانون إلى البحث وإيجاد بيئة إصلاحية ممكنة للعمل الحزبي والسياسي.

وأشار إلى أننا نحاول أن نضع على طاولة النقاش القضايا الجدلية وجدية الحكومة في إيجاد الإصلاح السياسي أما أننا سننتظر أن تأتي الحكومات الحزبية المرتقبة لتقر هذه القانون وتعيد أنتاجها.

وتسأل عن دور ما يعرف بالإصلاحيين داخل الدولة ومدى جديتهم في إيجاد حوارات تساهم بتفعيل بيئة ممكنه للإصلاح ام أننا سنشهد سحل للمشروع الإصلاحي، مشيرا إلى أن رؤيته وتوقعاته أنه بالفعل بدء يتعرض للسحل.

الجرائم الالكترونية أكثر مساسا بحرية التعبير

الصحفي وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين الزميل خالد القضاة قدم خلال الجلسة ورقة عمل بعنوان قانون الجرائم الالكترونية وفوضى التشريعات وحماية الصحفيين قدم فيها شرحاً عن واقع القوانين وانعكاسها على العمل الصحفي والبيئة الإعلامية في الاردن.

واكد انه في ظل الثورة الرقمية والتي طالت كل المجالات بما فيها العمل الإعلامي بات من الضرورة حماية الصحفيين من الوقوع في "فخ" قانون الجرائم الالكترونية سواء في النص النافذ او بالتعديلات المقترحة عليه والتي ردها مجلس النواب من القراءة الأولى للقانون المعدل وتم إحالة المشروع إلى مجلس الأعيان الذي احتفظ به حتى اللحظة في أدراجه.

واضاف أنه يمكن استثمار الرد السياسي للقانون من مجلس النواب والبناء عليه بتشكيل قوى ضغط مؤثرة ووازنة توفر إرادة سياسية حقيقية تسحب القانون وتعقد حوارا وطنيا ليس لتعديل النصوص بل لتوفير بيئة صديقة للحريات في المملكة.

وقال ان إقرار قانون عصري لحق الحصول على المعلومات ينزع موجبات تدخل قانون الجرائم الالكترونية في حرية التعبير، فالإفصاح عن المعلومات وضمان حرية الوصول لها بعدالة يجفف منابع الشائعات وخطاب الكراهية والتي استندت عليها موجبات قانون الجرائم الالكترونية وتعديلاته في الملاحقة والتجريم.

واوضح أن الأردن بحاجة الى قانون للجرائم الالكترونية لحفظ امن معلومات الأفراد والمؤسسات ولمنع استخدام الوسائل الالكترونية للقيام بأفعال يعاقب عليها القانون من الاحتيال والابتزاز والعبث بالمحتوى، ولكن ورود المادة 11 في القانون والتي أدخلت عليه في تعديلات عام 2015 حرفت القانون عن مساره وأسبابه الموجبة في حفظ امن المعلومات، فأصبح قيدا على حرية التعبير، فاستنادا إلى لتلك المادة تم ملاحقة الصحفيين وتوقيفهم رغم ان التوقيف منع وبالنص الصريح في قانون المطبوعات والنشر.

وبين أن المشروع المعدل لقانون الجرائم الالكترونية جاء أكثر مساسا بحرية التعبير، فطال المشروع بُنية القانون بالتجريم وغلظ العقوبات وأضاف خمس مواد جديدة، ومنع التوقيف بقضايا القدح والذم وأجازه في التكرار وفي خطاب الكراهية، وساوى الصحف والمواقع الالكترونية مع شبكات التواصل الاجتماعي، وحصن النقد المباح وجرم الشائعات والإخبار الكاذبة، وعاقب من ينتحل صفة صحفي الغير بالحبس لمدة قد تصل ثلاث سنوات، وعرف خطاب الكراهية وترك تحديد معالم الابتزاز والإشاعة والحياة الخاصة للقضاء، وحصر النظر بقضايا الجرائم الالكترونية بمحاكم البداية لتشدد العقوبات وإعطائها صفة الاستعجال، وحدد مسؤولية التعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي على عاتق أصحابها، واقف الملاحقة بإسقاط الحق الشخصي، ووسع صلاحيات النيابة العامة.

وأكد على أن التجريم بحد ذاته في قضايا النشر وحرية التعبير أمر متشعب جداً، فهنالك فعل واحد ارتكبه عدد من الأشخاص، وهناك عدد من الأشخاص ارتكبوا فعلاً واحداً، وهذا يتطلب تحديد الدور والمسؤوليات والتي قد تعدّ أفعالاً يعاقب عليها القانون تستوجب الردع والتعويض بمجموعة من القوانين الخاصة والتي تنازعت هي الأخرى بأولوية التطبيق والاختصاص، فظهر ما يسمى "القانون الخاص يُقيد العام"، و"القانون الخاص اللاحق يُقيد نظيره السابق"، وامتد هذا النزاع ليطال تنازع القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن وجاءت بمرتبة أعلى بوجوب وأولوية التطبيق والاحتكام لها لسموها عن القوانين الوطنية.

سوء النية واضح في قانون الجرائم الإلكترونية

من جهته قال معاذ المومني من مؤسسة محامون بلا حدود أننا اليوم اذا اردنا إيجاد بيئة معززة للحريات الإعلامية وسيادة القانون والديمقراطية فإنها لا يمكن أن تنمو الا في ظل بيئة تشريعية وسياسية ممكنه لها، مشيرا إلى أن التشريعات لها أهمية بالغة في سيادة حرية الرأي والتعبير.

واكد انه لا تزال القدرات المؤسسية في الاردن تراوح مكانها ولم تتمكن السلطة التنفيذية أو صناع القرار أن يراقبوا ممارسات تطلق بسياق التشريعات التي تتناسب مع الاحتياج الوطني .

وبين اننا لسنا ضد قانون الجرائم الإلكترونية بل ضد بعض الممارسات في القانون، لأنه يشكل احتياج وطني ودولي.

واوضح أن بعض نصوص ومواد القانون أدت إلى تراجع مؤشرات الاردن في مجال حقوق الإنسان وهذه قضية تحتاج إلى الاهتمام من كل حريص على المصلحة الوطنية.

واكد أن سياسة الإنكار لم تعد تصلح فالدولة الأردنية بكل مؤسساتها تنكر أن هناك تقويض لحرية الرأي والتعبير .

واشار إلى أن القانون تضمن بعض النصوص وخاصة المادة رقم ١١ تقوض حرية الرأي والتعبير وتقف عائقا أمام الحريات الإعلامية والتنمية الديمقراطية، مشيرا إلى أن (سوء النية) واضح جدا في هذه المادة بأن من وضعه التشريع يريد لف يده حول عنق المواطن أو الصحفي الاردني.

واشار إلى أهمية الجلوس والاستماع إلى آراء المختصين والمهتمين عند إقرار أي من قوانين الحريات خاصة لجان مجلس النواب التي تعمل على إقرار القوانين وضرورة أن تستأنس بآراء الخبراء وأصحاب الاختصاص في أي تشريع يكون مطروح أمام مجلس النواب.

وضع القيود على المواطن الصحفي

من جهتها قالت الناشطة الحقوقية رواية حديثات أن الجميع متفق على كفاية دستورنا الأردني بيد أن مشكلتنا الأساسية في التشريع مؤكدة على أن كثير من تشريعاتنا بحاجة إلى إعادة نظر وإعادة صياغتها .

واكدت أن المشكلة أو التصادم بين الصحفيين وقانون الجرائم الإلكترونية بسبب ثورة التكنولوجيا وإدخالها في كثير من العمل الصحفي والإعلامي خاصة لدى ظهور ما عرف بالمواطن الصحفي والذي ضيق الأفق على الصحفي والاعلامي وتسبب بكل هذا التكبيل للحريات الاعلامية.

وطالبت أن يتم التفريق بين الإعلامي الحقيقي والمواطن الصحفي الذي ينشر بدون أي مسألة أو معلومات دقيقة أو مهنية مشيرة إلى أن القيود القانونية يجب أن تفرض على الموطن الصحفي للحد من انتشار الاخبار والمعلومات الكاذبة وغير الصحيحة.

منع توقيف الصحفي

من جهته تطرق الصحفي سلطان الخلايلة وعضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية إلى موضوع توقيف الصحفيين الأردنيين في قضايا الرأي والنشر مؤكدا أن منع التوقيف يعتبر أهم ما يمكن فعله اليوم في هذا المجال.

واتهم الخلايلة القانون أنه يشكل حالة مزاجية مهمتها حبس اي صحفي أو اعلامي مهما بلغت أهمية الخبر او المقال الذي يكتبه مستشهدا بمقال كتبه أحد الصحفيين عن مطلعين كورونا وأنه لم يكن الوحيد الذي تطرق إلى هذا الموضوع او تحدث عنه عبر الإعلام إلا أنه جرى حبسه ومحاكمته.

وأشار إلى تراجع دور الإعلام بعد أن أصبحت مهمته الصحفي نقل الخبر الرسمي الجاهز أو المعد من قبل المؤسسات والوزارة بحيث أصبح دور الصحفي مثل دور ساعي البريد فقط في ظل غياب التنافسية بين وسائل الإعلام.

اختطاف القانون

من جهته اعتبر الإعلامي سامي القرعان أن قانون الجرائم الإلكترونية تم "اختطافه" من خلال من قدم هذا المشروع وهذا يظهر واضحاً من خلال حديث الجميع عن الفرق في التعامل بين المواطن والصحفي في قضايا الرأي والنشر.

وشدد على أهمية ودور وسائل التواصل الاجتماعي في تحريك الرأي العام تجاه القضايا الاجتماعية والوطنية وتبنيها من قبل مجلس النواب أحياناً.

واستشهد القرعان برسالة دكتورة لإحدى الزميلات الصحفيات تطرقت فيها إلى قرارات الحكومة في العام ٢٠١٨ والتي تعرضت للتعديل والالغاء بفعل وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن ضعف السلطات هو السبب في هذه القوة لوسائل التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بالسوشل ميديا.

وتسأل عن دور التثقيف المجتمعي حول قانون الجرائم الإلكترونية مشيرا إلى أن بعض الأساتذة الجامعيين لا يعرفون نصوص هذا القانون ومحاذيره في حال قاموا بالنشر عبر صفحاتهم الشخصية.

العدالة في تطبيق المسألة على الصحفي والمواطن

  من جهتها قالت الإعلامية هيا اسامه أننا لا نستطيع أن نصنع من اي شخص اعلامي أو صحفي ، مشيرة الى التعلم والثقافة العالية التي يتمتع بها الصحفي وقدرته على إيصال اي فكرة ومخاطبة المجتمع .

واضافت أن نشراي محتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي يحاسب فقط على القضايا الأخلاقية في المجتمع ، مشيرة إلى أن الرأي العام يتحرك في أي قضايا جدلية تنشره على هذه المواقع تحدث فوضى.

واكدت على مسألة العدالة في قضايا النشر بين المواطن والصحفي وان يكون هناك رقيب على الجميع وأن تطبق القوانين على الجميع .