>

جلسة نقاشية حول "قراءة في إجراءات ونتائج الانتخابات النيابية والمشهد السياسي".

"مسارات الأردنية" تُسلّط الضوء على الانتخابات النيابية والمشهد السياسي

عقدت مؤسسة "مسارات الأردنية للتنمية والتطوير" جلسة حوارية حول "قراءة في إجراءات ونتائج الانتخابات النيابية والمشهد السياسي"، بحضور عدد من المسؤولين والخبراء في الشأن الانتخابي الأردني.

واستهلت عضو مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب، الدكتورة عبير الدبابنة، الجلسة بالقول إنه لا يجدر بنا أن ننظر إلى نتائج الانتخابات النيابية من منظور سياسي فقط، بل من منظور إجرائي أيضًا.

وأضافت العتوم أن التنفيذ الناجح للانتخابات لم يكن ليحدث لولا إيمان الهيئة الراسخ بدورها ومسؤوليتها تجاه الأردن.

وأوضحت الدبابنة، أن الدورة الانتخابية الأخيرة نُظمت بموجب مجموعة جديدة تمامًا من القوانين، اللوائح، والإجراءات، التي أقرتها السلطة التشريعية في عام 2020، مما تطلب دراسة مكثفة لوضع التعليمات اللازمة لإنفاذها.

وبيّنت أن القانون يسمح لأي شخص لديه مظلمة بالطعن في نتائج الانتخابات في غضون 15 يومًا من نشر النتائج في الجريدة الرسمية، مضيفة أن محكمة التمييز هي الجهة النهائية للفصل في مثل هذه القضايا.

كما ذكرت الدبابنة أن الهيئة تعاملت مع 44 حالة رشوة انتخابية وأحالتها إلى المدعي العام بمجرد توفر الأدلة الكافية، بالإضافة إلى التحقيق في آلاف الانتهاكات المتعلقة بالدعاية الانتخابية، ونحو 100 قضية تتعلق بجرائم انتخابية.

العتوم: مجلس النواب العشرين سيكون درسا للجميع

وقالت عضو مجلس الأعيان الأسبق، الدكتورة ميسون العتوم، إنها ليست متفاجئة من نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، وإنها واثقة من عدم حدوث أي تدخل في العملية الانتخابية، مضيفةً أن حديثها عن مجلس النواب العشرين، بأنه سيكون درسًا للجميع، يرتكز على التركيبة التي خرج بها المجلس، والتي تضم مقاعد حزبية تتوزع على عدة تيارات ومدارس وأيدولوجيات.

وأضافت العتوم، أنه لا يوجد ما يسمى بـ"الخريطة المريحة أو المرسومة"، التي تشير إلى مفهوم النتائج المحكومة أو الخاضعة للتلاعب، مؤكدة أن هذا المنظور يعد نتاجًا للتفكير الفاسد، الذي لن يخدم الدولة أو الحكومة أو المواطن.

وأشارت العتوم إلى إيمانها بعدم القدرة على التنبؤ بديناميكية الأنظمة الديمقراطية، وخاصة أن الديمقراطية، بطبيعتها، تزدهر من خلال التنوع البنّاء الذي يجبر وجهات النظر المختلفة على الانخراط مع بعضها البعض والتفاوض على مسارات نحو العدالة من جهة، والصراع بين قوى التأثير الاجتماعي من جهة أخرى.

وبيّنت العتوم أن نتائج الانتخابات، وإن لم تكن مفاجئة، إلا أنها تحمل تناقضًا. فهي، حسب قولها، سعيدة وغير سعيدة في الوقت نفسه، حيث ظهر فوز حزب جبهة العمل الإسلامي وكأنه الكتلة التي ستمثل الشعب بما أنها حصلت على أعلى الأصوات، لكن هذا غير دقيق، فنسبة التصويت التي حصلوا عليها، وهي 31%، تعكس الهيمنة فقط. إلا أنه يجب الالتفات إلى النسبة المتبقية التي لم تصوّت، ومن هنا يظهر ما يسمى بالحكم الشمولي.

وحذرت العتوم من أن الدكتاتورية قد تنشأ نتيجة الفئة الصامتة التي تشعر بالعزلة واليأس والإحباط. وأوضحت أن هذه الأحزاب لن تقدم جديدًا، وأن الانتخابات لن تصنع الفارق، ما يجعل هذه الفئة لقمة سائغة للحكومات الشمولية، الأمر الذي يؤجج الصراعات ويترك الساحة لآخرين يستفردون بصنع الخطاب، والقانون، والمؤسسة، لتكون هذه الفئة بذلك مجرد متلقٍ سلبي لكل ما يفرض عليها من السلطات.

وأشارت العتوم إلى أن فترات السخط والاضطرابات أمر لا مفر منه حتى في الديمقراطيات الراسخة، مستشهدة بالموجة الحالية من الانتقادات الديمقراطية في أوروبا. وأكدت أن مثل هذه التراجعات ليست علامة على الفشل، بل هي جزء من العملية الجارية لتطور الديمقراطية، ما يقدم نظرة متفائلة للأردن.

بني ارشيد: لا تقطعوا الشجرة وإن صعدت المعارضة عليها

قال الأمين العام الرابع السابق لحزب جبهة العمل الإسلامي، زكي بني ارشيد، إنه عند تقييم نتائج الانتخابات الأخيرة، يتضح أن الدولة الأردنية هي صاحبة الحصاد الأوفر.

وأضاف بني ارشيد، أن مجلس النواب، باعتباره الركن الأساسي الأول في نظام الحكم الأردني، يلعب دورًا لا غنى عنه في تشكيل الإطار التشريعي والرقابي للبلاد، متسائلًا عن الأسباب الكامنة وراء عزوف المجتمع الأردني عن المشاركة في هذا العرس الديمقراطي، في وقت يُعتبر فيه البرلمان ووظائفه في التشريع والرقابة نصًا دستوريًا متقدمًا على كل النصوص الأخرى.

وأوضح بني ارشيد، أن تأجيل العملية الانتخابية لمدة عام كان سيساهم في رفع نسبة المشاركة في التصويت، مشيرًا إلى أن العوامل السياقية المختلفة، بما في ذلك التوقيت والمشاعر العامة، تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل المشاركة الانتخابية.

وأكد أن الإنجاز الأساسي لهذه الانتخابات يكمن في استعادة الثقة العامة جزئيًا في العملية الديمقراطية وصناديق الاقتراع، فعندما يفقد المواطنون الثقة في قيمة أصواتهم، فإنهم ينسحبون من العملية الانتخابية ويتجنبون المشاركة فيها، مضيفًا أنه يتعين على العازفين عن الانتخابات مراجعة أنفسهم.

وقال بني ارشيد إن أحد أبرز ميزات الديمقراطية هو عملية التصويب الذاتية التي تخضع لها، لذا من الضروري أن يتجاوز مجلس النواب الخطاب الشعبوي ويؤدي وظيفته الأساسية كهيئة تشريعية مسؤولة وقادرة على المحاسبة.

وأشار إلى أن المؤسسات الرسمية تعيش مراحلها الأخيرة، كما يتجلى من عجزها عن صناعة الشخصيات الكارزماتية، أو ما يُسمى أحيانًا برجال الدولة، مشددًا على أهمية دور مجلس النواب الجديد في إعادة الاعتبار إلى المؤسسات الرسمية.

وقال بني ارشيد إن المطلوب من الدولة، والسلطة، والحكومات هو الإبقاء على الشجرة دون قطعها حتى وإن شهدت صعود المعارضة عليها، بل من المهم أيضًا غرس مجموعة من الأشجار الأخرى بجانبها، فالسلطة قادرة على تحمل مشاكسات المعارضة وأدائها القوي، فحين تكون المعارضة قوية، تستدعي الحاجة إلى حكومة قوية، بينما المعارضة الكسولة والضعيفة تؤدي إلى حكومة رخوة.

وبيّن أن خطوط الإنتاج السياسي كانت معطوبة، معربا عن أمله في فتح خطوط إنتاج سياسي جديدة تعيد الاعتبار إلى كل مؤسسات الدولة، وما دون ذلك سيؤدي إلى فراغ قد يصاحبه الفوضى والشعبوية.

الرواشدة: مجلس النواب أمام تحديات حاسمة وحساسة

سلّط العين السابق مصطفى الرواشدة، الضوء على مفهوم الديمقراطية، وأنها ليست مجرد كلمة يتم تداولها في الخطاب السياسي أو يتم تسويقها باعتبارها شعارًا، بل إنها نظام معقد ينتجه المجتمع، مضيفًا أن الديمقراطية الحقيقية لا توجد في عزلة، ولا تخدم مصالح مجموعة واحدة في حين تهمل أخرى.

وقال الرواشدة، إن نتائج الانتخابات الأخيرة لا تعد مفاجئة، فنحن نعيش في ظل نظام التمثيل النسبي، وهو الإطار الذي يسعى إلى تحقيق التوازن، وإعطاء صوت لتنوع وجهات النظر، مضيفًا أن في مثل هذا النظام، تشكل "المغالبة" داخل مجلس النواب ضرورة لعمل ديمقراطيتنا، ما يعكس الإرادة الجماعية، وتوازن المصالح.

وبيّن الرواشدة، أن عمله نائبًا في مجلس النواب، جعله يدرك العمق الحقيقي للديمقراطية داخل العملية التشريعية، وذلك من خلال اللجان التي تعد بمثابة مطابخ أساسية للتشريع، وتشهد قيام كل عضو بدلو دلوه على الطاولة، للمساهمة في صياغة الهدف المشترك الذي نصبو إليه جميعًا.

وقال إن كل صوت يتم الإدلاء به، وكل نقاش يتم عقده، هو في نهاية المطاف تصويت للأردن ومصالحه العليا قبل أن يكون تصويتًا لحزب أو كتلة معينة، وأن هذا لم يكن مجرد انتصار للمرشحين الأفراد أو الفصائل السياسية، بل كان انتصارًا للأردن، مضيفًا أن الانتخابات في الأردن تعكس نضج المؤسسات الديمقراطية والتزام شعبها بالتمسك بالقيم الديمقراطية.

ونوّه الرواشدة إلى ضرورة إدراك التحديات التي تنتظرنا، وأن مجلس النواب باعتباره سلطة دستورية عليا في الدولة الأردنية يدخل مرحلة حساسة، وحاسمة، حيث تواجه المنطقة اضطرابات غير مسبوقة.