الوزير محافظة يرعى حفل إطلاق منصة "حزبيات" المنفذة من قبل "مسارات" بالتعاون مع صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية

رعى وزير التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، الأستاذ الدكتور عزمي محافظة، حفل إطلاق منصة "حزبيات" ضمن مشروع "شبكة أكاديميات حزبيات"، الذي تنفذه مؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير، بالتعاون مع صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية.
جرى حفل الإطلاق بمشاركة كل من: رئيسة مجلس أمناء "مسارات" ريم أبو حسان، ومدير عام صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية عبد الفتاح الكايد، ومديرة ملتقى البرلمانيات الأردنيات النائب الدكتورة تمارا ناصر الدين.
كما تضمن حفل الإطلاق جلسةً حوارية، تحدث فيها كل من: رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور موسى شتيوي، أمين عام وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية الدكتور علي الخوالدة، أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الأردني عبلة أبو علبة، وريم بدران.
وفي هذا الصدد، قالت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة مسارات الأردنية للتنمية ريم أبو حسان إن لقاء اليوم يُعاد فيها الاعتبار لدور المعرفة في تشكيل السياسة، ولصوت المرأة في إعادة بناء التصورات، إذ يتم إطلاق منصة "حزبيات" بوصفها إحدى التجليات الملموسة لرؤية أكثر شمولًا للمواطنة، ولمفهوم المشاركة السياسية المستنيرة.
ونوّهت إلى أن فكرة "حزبيات" نشأت من إيمان عميق لدى "مسارات" بأنه لا بد من تسليط الضوء على المرأة الأكاديمية، بهدف نقلها من موقع المراقب إلى موقع الشريك، ومن دور المحلل إلى موقع الفاعل والمؤثر، وأن "حزبيات" منصة حرّة، علمية، نقدية، ومسؤولة، تُفتح فيها نوافذ السياسة على ضوء العقل، لا على ظل المجاملة.
بدوره، أكد مدير عام صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية عبد الفتاح الكايد نموذجية الشراكة مع مؤسسة "مسارات"، فهي تعبّر عن إطار جاد لتكامل الأدوار، وتُجسّد فهمًا عميقًا لطبيعة المرحلة المقبلة، التي تتطلب حشدًا واسعًا للموارد الوطنية، البشرية والمؤسسية، في إطار تكاملي يستجيب لأولويات التحديث السياسي والاقتصادي.
ولفت الانتباه إلى أن هذه الجهود تنسجم مع التوجيهات الملكية السامية التي تؤمن بأهمية تفعيل أدوات العمل السياسي ضمن إطار تشاركي، وتدعو إلى تمكين المرأة والشباب من القيام بأدوار محورية في صياغة السياسات العامة، واتخاذ القرار على مختلف المستويات، مضيفًا أن المرأة الأردنية، وخاصة الأكاديمية المنخرطة في الحياة الحزبية، تمثّل نموذجًا ناصعًا للإصرار والتفوق، رغم ما تواجهه من تحديات مجتمعية ومسؤوليات أسرية، مشيرًا إلى أن وجودها في الحرم الجامعي بوصفها فاعلة حزبية ومؤثرة فكرية، يبعث برسائل إيجابية للطلبة والطالبات حول جدوى العمل السياسي، ويعزز ثقتهم بقدرتهم على التغيير والمشاركة الواعية في صناعة مستقبلهم.
من جانبها، أوضحت رئيسة ملتقى البرلمانيات الأردنيات النائب الدكتورة تمارا ناصر الدين أن انخراط الأكاديميات والأكاديميين في الحياة الحزبية، من شأنه أن يُحدث تحوّلًا نوعيًا في بنية العمل الحزبي، ويُعمّق من مضامينه، ويُسهم بصورة جوهرية في صياغة برامج حزبية تستند إلى رؤية علمية منهجية وشمولية، تعالج قضايا التنمية المستدامة والاقتصاد الوطني، كما تُعنى بميادين الفكر والمعرفة والثقافة، بوصفها روافد استراتيجية لا يمكن فصلها عن المشروع السياسي الحديث.
وأشارت إلى أن اعتماد منهجيات البحث العلمي ركيزةً لتحليل الواقع واستشراف المستقبل، يعد ضرورة ملحّة ومكونًا مركزيًا في البناء الحزبي المؤسسي، لأنه يشكل إضافة نوعية على مسار التجربة الحزبية الأردنية المعاصرة.
إلى ذلك، أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور موسى شتيوي تجاوز التحديات التي تواجه الأحزاب الأردنية الإخفاقات الظاهرة، وامتدادها إلى عمق البنية الفكرية والتنظيمية التي تقوم عليها هذه الأحزاب، مضيفًا أن العدد الكبير من الأحزاب المسجلة في الأردن – الذي يناهز 35 حزبًا – لا يعكس بالضرورة وجود 35 شريحة اجتماعية واضحة، فقد يكشف عن تداخل وتشابه كبيرين في الرؤى والبرامج.
وأشار إلى أن السياسات التي تُطرح في بعض الأحزاب قد تكون انعكاسًا لمقاربات فردية أو متفرقة لا ترتبط بجوهر المشروع الحزبي، مشددًا على أن مشاركتة الأكاديميين في الحياة الحزبية لا يجب أن تُفهم كمسألة "تكنوقراطية بحتة"، إذ ينبغي أن ترتكز على وعي سياسي وفكري، ورغبة صادقة في المساهمة بالبناء الحزبي، ذلك أنهم ليسوا كتلة موحدة؛ فبعضهم بلا توجه سياسي واضح، وبعضهم الآخر متردد أو غير حاسم لموقفه.
فيما صرّح أمين عام وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية الدكتور علي الخوالدة بأن الواقع القانوني الراهن للمرأة الأردنية يشهد حالة نوعية غير مسبوقة من حيث الفرص المتاحة ومجالات التمكين، سواء في البعد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، غير أنّ هذا التحول الجوهري لم يكن نتاج لحظة طارئة أو مبادرة منعزلة، بقدر ما يعد امتدادًا لإصلاحات مدروسة، ونتيجة حراك تشريعي متصل ومتعدد الأوجه.
وبيّن أن المرأة الأردنية لم تكن غائبة عن المشهد الحزبي أو المدني، إذ إنها كانت فاعلة ومؤثرة، سواء من خلال الانخراط المباشر في الأحزاب، أو من خلال النشاط السياسي والاجتماعي الذي ترافق مع المرحلة، مضيفًا أن الجامعات، تاريخيًا، شكّلت الحاضنة الفكرية الأولى لعدد من الأحزاب العربية الكبرى، وخصوصًا تلك التي تتبنى الطروحات القومية أو الاشتراكية، فقد بدأت نواة العمل الحزبي تتشكل في البيئة الجامعية، من خلال الطلبة المنخرطين بشكل مباشر في تلك الأحزاب، وعبر دور نوعي اضطلع به أكاديميون، لم يكونوا بالضرورة منتمين حزبيًا، لكنهم ساهموا بفعالية في تشكيل الوعي السياسي لدى طلبتهم، وفتحوا أمامهم آفاقًا فكرية كان لها أثر بالغ في بناء القناعات والانخراط في العمل العام.
أما المدير التنفيذي لمؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير الصحفي طلال غنيمات، فقد أوضح أن التحدي اليوم لا يكمن فقط في وجود الأحزاب، وإنما في قدرتها على التفاعل مع الأكاديميات وتمكين النساء في العمل السياسي بشكل فعّال، مبينًا أن الأردن يمر بتجربة حزبية جديدة ما زالت فتية، وهو ما يستدعي دعمًا مؤسسيًا ومجتمعيًا لضمان ترسيخها على أسس ديمقراطية حقيقية.
وأشار إلى أن استشراف المستقبل السياسي للمرأة، خاصة الأكاديمية، يمر حتمًا من بوابة الأحزاب، داعيًا إلى ضرورة مراجعة البنية الحزبية وتطويرها لتكون أكثر شمولًا وعدالة.
بدورها، قالت أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الأردني عبلة أبو علبة إن الأحزاب – ورغم وجودها في البرلمان – إلا أنها غير ممثلة في السلطة التنفيذية، وبالتالي فإن قدرتها على تحويل مضامين برامجها إلى سياسات حكومية ملزمة تبقى محدودة ومشروطة، فالكتلة أو الحزب الذي يخوض الانتخابات على أساس برنامج محدد، يجد نفسه – بعد دخول البرلمان – في مواجهة مع واقع تشريعي يتطلب توازنات، وتحالفات، وإرادة سياسية قد تكون غير متوافقة مع رؤيته، وهنا، يصبح البرنامج الانتخابي، في كثير من الأحيان، مجرد مرجعية داخلية لتلك الكتلة البرلمانية، تتحرك ضمن أطرها، وتدافع عنها في أروقة المجلس، ولكن دون ضمان حقيقي بأن يتم تبنيها أو تحويلها إلى قرارات نافذة.
ونوّهت إلى أن فاعلية البرنامج السياسي بقدرته على اختراق منظومة صناعة القرار، والتأثير فيها، سواء من خلال التشريع أو من خلال النفاذ إلى أدوات التنفيذ، وحتى اللحظة، لا تزال هذه الحلقة مفقودة في التجربة الأردنية، لأسباب تتعلق بعدم استكمال التحول إلى حكومات حزبية أو برلمانية، تكون فيها الأغلبية الفائزة بالثقة الشعبية شريكة في الحكم وصنع السياسات.
فيما سلّطت ريم بدران الضوء على ما وصفته بـ"المنظومة المعيقة" التي لا تزال تحكم العلاقة بين الأكاديميات والفضاء العام، مشيرة إلى أن الإشكال لا يكمن فقط في ضعف الحضور الحزبي النسوي داخل الحرم الجامعي، وإنما يتجذّر في البنية الثقافية والاجتماعية التي لا تمنح الأكاديمية النسوية القبول الاجتماعي الكافي، ولا تُفرز لها بنى دعم معنوي أو مؤسساتي تتيح لها التفرغ والمبادرة والانخراط المنتج في الحقل السياسي.
وأوضحت أن معظم الأكاديميات يعانين من ضيق الهامش الزمني، وافتقارهن للدعم التشغيلي أو الرمزي داخل المؤسسات الجامعية، الأمر الذي يفضي بالضرورة إلى تحييدهن قسريًا عن مجالات الفعل السياسي، سواء من بوابة التأطير الحزبي المباشر أو حتى من منطلق التأثير غير الرسمي في المسارات العامة.













