“مسارات” تعقد حلقة نقاشية حول الفئات المستثناة من الانضمام للأحزاب السياسية
عقدت مؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير، حلقة نقاشية الأربعاء، حول الفئات المستثناة من الانضمام للأحزاب السياسية، بإدارة النائب عمر العياصرة ومشاركة عدد من ممثلي الأحزاب الأردنية والخبراء والمختصين في المجالات القانونية والدستورية ومؤسسات المجتمع المدني والشباب.
وتباينت آراء الحضور من المشاركين بين مؤيد ومعارض لتلك الاستثناءات، والتي تم توسيعها لتشمل فئات كبيرة من العاملين في السلك الحكومي، سواء المدني أو العسكري، إذ يرى بعضهم أنها تشكل نوعا من الانحياز لمؤسسات الدولة حتى لا تتبع لحزب أو جهة تقود مرحلة معينة، أما الرأي الآخر فيرى فيها حرمانا لفئات كبيرة من الانتساب للأحزاب وتخويف لفئات الشباب من الانتساب لها في حال كان يفكر بالعمل في عدد من مؤسسات الدولة التي شملها الاستثناء.
وفي بداية الجلسة الحوارية، عرض المحامي الدكتور صدام أبو عزام، ورقة عمل قانونية حول الفئات المستثناة من الانضمام للأحزاب السياسية، استعرض خلالها الفئات المستثناة في قوانين الأحزاب السياسية للسنوات 1955 و1992 و2007 و2012 و2015، إضافة إلى مشروع قانون الأحزاب السياسية وفق اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
وشملت الفئات المستثناة وفق مشروع قانون الأحزاب السياسية الصادر عن اللجنة الملكية، بحسب المادة 6 بند 6، استثناء كل من رئيس وموظفي الديوان الملكي الهاشمي والقضاة ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية ورئيس وأعضاء مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب ومحافظ البنك المركزي ورئيس وأعضاء مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ورئيس ديوان الخدمة المدنية ورئيس ديوان المحاسبة والحكام الإداريين وأعضاء السلك الدبلوماسي والقناصل الفخريين ومنتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وأمين سجل الأحزاب وموظفي دائرة الجمارك.
وقدم أبو عزام خلال ورقة العمل، تجارب مقارنة في تحديد الفئات المستثناة من الانضمام إلى الأحزاب السياسية والتي تتفاوت حسب المحددات السياسية والمؤسسية في كل دولة وطبيعة العمل الحزبي فيها، إذ شملت المقارنات قوانين الأحزاب السياسية في كل من الجزائر والمغرب وتونس ومصر والعراق والبحرين والسودان ولبنان وسوريا.
وفي مداخلة لعضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، الأمين العام لحزب “حشد”، عبلة أبو علبة، قالت إن موضوع الفئات المستثناة من الانتساب للأحزاب السياسية حظي بكثير من النقاش داخل إطار اجتماعات اللجنة الملكية، حيث جرى احتجاج واسع وكبير من أعضاء اللجنة على الفئات التي تمّت إضافتها إذا كانت الفئات المستثناة سابقاً مقتصرة على القضاة ومنتسبي الجيش والأجهزة الأمنية فقط، إذ إن كثيرا من تلك الفئات التي تمّت إضافتها لم تجد تبريراً موضوعياً كافياً لإضافتها.
وبينت أنه رغم مطالبات أعضاء اللجنة بشطب كثير من تلك الفئات التي تم استثناؤها حتى يتناسب القانون مع روح التعديل والتطوير في منظومة الحياة السياسية، خصوصا أننا نفكر بإيجاد بيئة حزبية تحكمة بأغلبية برلمانية لتشكيل الحكومات في المستقبل، إلا أنه تم التصويت على إضافتها.
أما الوزير الأسبق والكاتب الصحفي سميح المعايطة، فأكد في مداخلته، أن تلك الاستثناءات فيها مساران؛ الأول مرتبط بالجهات الرقابية والآخر مرتبط بالمؤسسات القريبة من جلالة الملك، وهذا يأتي من باب الاجتهاد في إبعادها عن الانتماء لأي مشروع حزبي حتى لا تخرج عن المألوف في مهاما وأعمالها.
في حين يرى الإعلامي، حسام غرايبة، أن قانون الأحزاب السياسية قد قسم المجتمع الأردني إلى قسمين: فئة تشعر بالرعب والخوف من كل هذه التعديلات، وفئة أخرى لا تؤمن بكل هذه التعديلات، وبالتالي يُنظر إليها بأنها سحب لصلاحيات الحكومة.
ويضيف أن خوف الدولة قد ينعكس عليها سلباً، إذ إن المُطلع على هذه الفئات المستثناة قد يستنتج أن الدولة لا تثق بنزاهة الأحزاب ولا نزاهة مؤسسات الدولة، إذ إنه من الممكن التفكير بأن رئيس الوزراء الحزبي قد يُعيّن رئيس ديوان محاسبة فاسد لكن ينتمي لحزبه، إضافة إلى أن المطلع لهيكل الفئات المستثناة يجد أنها عماد الدولة الأردنية التي اعتمدت في تشكيلها على أبناء العشائر وكأنها تقول لكل هذه الفئات: أنتم خارج الحياة الحزبية، وهذا بالتالي سوف يخسر الدولة خسارة كبيرة.
من جهته، قال المحامي، سائد كراجة، حول شرط مبهم في القنوانين والأنظمة العربية، ألا يكون المواطن منتميا لأي حزب وفي بعض الدول ألا يكون منتسباً إلا للحزب الحاكم، فالحياة الحزبية في العالم العربي هي استثناء، ولو تابعنا تجارب عالمية في الحياة الحزبية لوجدنا أنها تعتمد على قضاة لدى أهم مفاصل الدولة، إضافة إلى تغير السفراء والدبلوماسيين في حال انتخاب حزب حاكم جديد.
ويرى كراجة أن التعديلات الدستورية دخلت حالة مفاوضات في المجتمع بالمعنى الإيجابي السياسي الآمن والسليم، وأن الاستثناءات شكلت حالة إيجابية بالمعنى السياسي لكن بالمعنى الحزبي لا.
أما الدكتور محمد القضاة، فيرى أن هذه الفئات المستثناة لا تشكل نسبة كبيرة من المجتمع، إذ لا تزيد أعدادهم على 5 آلاف مواطن من مجموع عدد السكان، ولا تشكل نسبة كبيرة من نسبة المتحزبين في أي مجتمع، مطالباً بأن يتم التركيز على الثقافة الحزبية وتطوير الحياة الحزبية والمعيقات التي تمنع من الانخراط في الأحزاب.
وركز القضاة في مداخلته، على الحديث عن الفئات التي يتم استثناؤها من الانتخاب وليس من الانتساب للأحزاب، داعيا إلى مناقشة هذا الأمر بشكل أوسع والاشتباك معه حتى نصل إلى حياة حزبية.
وهاجم عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، الدكتور أحمد الشناق، دور لجنة الأحزاب المنبثقة عن اللجنة، قائلا إنه لم يقتنع بمخرجاتها وتوصياتها فيما يخص الأحزاب.
وأشار الشناق إلى أنه إذا فقدنا الشرعية الدستورية في البلاد فإن الجميع سيعمل على “هواه”، مضيفا أن هناك شرعية دستورية لتعريف الدولة الديمقراطية، هي الدولة التي قوانينها لا تتعارض مع أحكامها الدستورية، لكن الرؤية الجديدة ومنذ عهد الإمارة وحتى اليوم تعتمد القائمة الحزبية قائمة انتخاب.
ولفت إلى علاقة الأحزاب الأردنية وولائها لأنظمة ودول مجاورة، وهذا يلغي مفهوم العلاقة مع الدولة، بمعنى أن هناك أحزابا دعمت سابقاً النظام السوري وانقسمت العديد من الأحزاب في هذا الأمر وأحزاب أخرى كانت تتبع لنظام حكم زائل في دول مجاورة، إذ إن الأردن لا يتعامل تاريخا مع نظام حكم باقٍ أو زائل وإنما يتعامل مع دولة.
وقال عضو اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، أحمد أبو شيخة، إن هذه المادة تشكل العصب الرئيسي لقانون الأحزاب لانعكاسها على بنية المجتمع في تشكيل الأحزاب السياسية، إذ إن الرسالة التي تصل اليوم للمجتمع هي عدم الثقة بهذه الأحزاب السياسية، من حيث الاستثناء من الانتساب لمؤسسات مهمة في الدولة؛ أبرزها الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وأضاف أبو شيخة، أن الواقع الحزبي والثقافة المجتمعية ما زال ينظر إلى الأحزاب السياسية أمر محرم وفيه خطورة من الانتساب لها، ونحن نسعى إلى التدرج في التحول للحياة الحزبية والقفزة إلى الحياة الحزبية يتطلب إلغاء هذه الاستثناءات.
ودار نقاش حول شروط تأسيس الأحزاب، إذ عبر المشاركون عن رفض بعضها والاتفاق مع بعضها الآخر، مشددين على ضرورة توفر شروط العدد في الحزب الذي يسعى إلى الوصول للبرلمان وتشكيل أغلبية برلمانية وصولاً إلى تشكيل حكومة نيابية حزبية.
وطالب الحضور بضرورة السير في هذه التعديلات ووضع العربة على الطريق وصولاُ إلى حياة برلمانية وتطوير سياسي حزبي ولاحقاً يتم تقييم المرحلة ووضع الأمر تحت النقاش المستمر، لكن الظرف الحالي يتطلب قوة دفع إلى الأمام حتى تبدأ المنظومة بالعمل ضمن هذه التشريعات والتعديلات.
وأكدت ريم أبو حسان، خلال مداخلة لها، أهمية اشتراط ألا يكون الشخص الحزبي عضواً في أي تنظم حزبي أو تنظيمات سياسية غير أردنية، الأمر الذي تؤكد عليه التشريعات والقوانين الأردنية.
واختتم النائب عمر العياصرة الحوار بأنه سيتم توجيه ورقة توصيات الحضور وملاحظاتهم إلى البرلمان واللجنة القانونية النيابية للاطلاع على هذه التفصيلات والمقترحات المطروحة.