تعزيز العمالة الخضراء في الاردن: التحديات والفرص نحو اقتصاد مستدام
تعزيز العمالة الخضراء في الاردن : التحديات والفرص نحو اقتصاد مستدام
مؤسسة مسارات الأردنية للتنمية والتطوير
1.مقدمة
في السنوات الأخيرة، اكتسب مفهوم العمالة المستدامة اهتماما متزايدا حيث يكافح العالم التدهور البيئي وآثار تغير المناخ. تشمل العمالة المستدامة، التي يشار إليها غالبا باسم "الوظائف الخضراء"، العمل الذي يساهم في الحفاظ على البيئة أو استعادتها، سواء في صناعات مثل الطاقة المتجددة أو الزراعة المستدامة أو إدارة النفايات. لا تعزز هذه الوظائف الاستدامة البيئية فحسب، بل توفر أيضا فرصا للنمو الاقتصادي والإدماج الاجتماعي والحد من الفقر. ومع سعي البلدان إلى تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة، أصبحت الحاجة إلى الوظائف الخضراء أولوية عالمية.
في الأردن، البلد الذي يواجه تحديات بيئية كبيرة مثل ندرة المياه، والاعتماد على الطاقة المستوردة، وتدهور الأراضي، يعد الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر أمرا ملحا بشكل خاص. مع وجود عدد متزايد من السكان الشباب، يجب أن يتكيف سوق العمل في الأردن لتوفير فرص عمل مستدامة لا تلبي المتطلبات الاقتصادية فحسب، بل تعالج أيضا المخاوف البيئية الملحة. تمثل العمالة الخضراء طريقا للحد من البطالة، وخاصة بين الشباب، مع تعزيز الاستدامة البيئية على المدى الطويل. ومع ذلك، تواجه البلاد العديد من العقبات، بما في ذلك نقص الموارد، وعدم كفاية أطر السياسات، وفجوات المهارات في القوى العاملة.
تهدف هذه الورقة إلى استكشاف الوضع الحالي للعمالة الخضراء في الأردن، مع التركيز على التحديات التي تواجهها البلاد في توسيع فرص العمل المستدامة والفوائد المحتملة التي يمكن أن يوفرها هذا التحول. من خلال دراسة كل من الحواجز والفرص في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والزراعة وإدارة النفايات، ستقترح هذه الورقة استراتيجيات لزيادة العمالة الخضراء في الأردن، والمساهمة في كل من المرونة الاقتصادية للبلاد وأهداف الاستدامة البيئية.
2.سياق التوظيف المستدام في الأردن
يواجه الأردن، الواقع على مفترق طرق الشرق الأوسط، العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تجعل التحول نحو التوظيف المستدام ضرورة وفرصة. مع عدد سكان يزيد عن 10 ملايين نسمة ومعدلات بطالة عالية بين الشباب، يتميز المشهد الاقتصادي في الأردن منذ فترة طويلة بالموارد الطبيعية المحدودة والاعتماد على مصادر الطاقة الخارجية. وفي الوقت نفسه، يعتبر الأردن واحدا من أكثر البلدان ندرة في المياه في العالم، ومناخه الجاف يجعله عرضة لآثار تغير المناخ. تتطلب هذه الضغوطات البيئية، جنبا إلى جنب مع تزايد عدد السكان، اتخاذ إجراءات عاجلة لإنشاء اقتصاد مستدام ومرن يوفر فرص عمل ذات مغزى مع معالجة القيود البيئية للأمة.
·المشهد الاجتماعي والاقتصادي واتجاهات العمالة
يعتمد الاقتصاد الأردني بشكل كبير على الخدمات، مع قطاعات رئيسية بما في ذلك السياحة والتمويل والعقارات. ومع ذلك، فإن البلاد لديها أيضا قطاعات زراعية وصناعية كبيرة توفر فرص عمل، لا سيما في المناطق الريفية. وعلى الرغم من هذه الفرص، لا تزال البطالة في الأردن تشكل تحديا مستمرا، لا سيما بين الشباب والنساء. وتبلغ نسبة البطالة بين الشباب حوالي 40٪، وهي واحدة من أعلى المعدلات في المنطقة، في حين تواجه النساء حواجز هيكلية أمام دخول سوق العمل بسبب الأعراف الثقافية والمجتمعية. وقد أدى ذلك إلى زيادة الاهتمام بتطوير قطاعات جديدة يمكن أن توفر فرص عمل مستقرة وطويلة الأجل، مثل الصناعات الخضراء.
·التحديات البيئية في الأردن
إن التحديات البيئية في الأردن كبيرة، ومعالجتها أمر بالغ الأهمية لتحقيق فرص العمل المستدامة. ربما تكون ندرة المياه هي القضية الأكثر إلحاحا، حيث إن نصيب الفرد من المياه المتاحة أقل بكثير من المعايير الدولية. وغالبا ما تكون الممارسات الزراعية، التي تمثل نسبة كبيرة من استخدام المياه في البلاد، غير فعالة، مما يؤدي إلى تفاقم الضغط على هذا المورد الحيوي. بالإضافة إلى ذلك، يستورد الأردن أكثر من 90٪ من احتياجاته من الطاقة، مما يجعله يعتمد بشكل كبير على إمدادات الطاقة الأجنبية. ولا يؤثر هذا الاعتماد على الاستقرار الاقتصادي للبلاد فحسب، بل يزيد أيضا من تعرضها لتقلبات أسعار الطاقة.
علاوة على ذلك، يواجه الأردن تحديات تتعلق بالتلوث وإدارة النفايات. أدى التحضر السريع إلى زيادة النفايات الصلبة، والتي لا يتم إدارة الكثير منها أو إعادة تدويرها بشكل صحيح. كما تدهورت جودة الهواء، لا سيما في المناطق الحضرية، بسبب الازدحام المروري واستخدام العمليات الصناعية التي عفا عليها الزمن. تسلط هذه التحديات البيئية الضوء على الحاجة إلى حلول مستدامة يمكنها معالجة القضايا الاقتصادية والبيئية والاجتماعية في وقت واحد.
·أهمية الاقتصاد الأكثر اخضرارا
يوفر الانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضرارا في الأردن مسارا لمواجهة هذه التحديات البيئية والاقتصادية في وقت واحد. من خلال الاستثمار في قطاعات مثل الطاقة المتجددة والحفاظ على المياه والزراعة المستدامة، لا يمكن للأردن تقليل اعتماده على الطاقة الأجنبية والموارد الشحيحة فحسب، بل يمكنه أيضا خلق فرص عمل جديدة ومستدامة. يمثل التحول العالمي نحو الاستدامة فرصة للأردن ليصبح رائدا إقليميا في الصناعات الخضراء، مستفيدا من موارده الوفيرة من الطاقة الشمسية وإمكانات الابتكار في تقنيات توفير المياه.
·التزام الأردن بالأهداف البيئية العالمية
أظهر الأردن التزاما بالمبادرات البيئية الدولية، مثل اتفاقية باريس وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. تحدد المساهمات المحددة وطنيا للبلاد بموجب اتفاقية باريس أهدافا محددة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتعزيز المرونة المناخية. علاوة على ذلك، تتضمن خطة رؤية الأردن 2025 أحكاما لتحسين الاستدامة البيئية وتوسيع فرص العمل الخضراء. ومع ذلك، في حين أن هذه الالتزامات واعدة، لا تزال هناك حاجة إلى بذل جهود كبيرة لتحويل هذه الأهداف إلى إجراءات عملية تخلق فرص عمل حقيقية ومستدامة.
3.العمالة الخضراء في الأردن: الوضع الحالي
في الأردن، تشير العمالة الخضراء إلى الوظائف التي تساهم في الحد من الأثر البيئي وتعزيز الاستدامة في مختلف القطاعات. وتتراوح هذه القطاعات من الطاقة المتجددة والحفاظ على المياه إلى الزراعة المستدامة وإدارة النفايات. في حين أن الوظائف الخضراء لا تزال مفهوما ناشئا في الأردن، فقد تم اتخاذ خطوات كبيرة في بعض المجالات، لا سيما في مجال الطاقة المتجددة، التي كانت في طليعة جهود البلاد للانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضرارا.
·الطاقة المتجددة: قطاع رائد للوظائف الخضراء
يعد قطاع الطاقة المتجددة أحد أكثر القطاعات الواعدة للعمالة الخضراء في الأردن. إن موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الوفيرة في الأردن تجعله موقعا مثاليا لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة. على مدى العقد الماضي، اتخذ الأردن خطوات كبيرة للحد من اعتماده على الطاقة المستوردة من خلال الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. تهدف الاستراتيجية الوطنية للطاقة للحكومة إلى توليد 50٪ من الطاقة في البلاد من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
وقد تم إنشاء العديد من مشاريع الطاقة الشمسية واسعة النطاق، بما في ذلك محطة القويرة للطاقة الشمسية ومشروع شمس معان للطاقة الشمسية، والتي تساهم معا بجزء كبير من قدرة الطاقة المتجددة في البلاد. وقد خلقت هذه المشاريع عددا من فرص العمل في مراحل مختلفة من التطوير، من بناء مزارع الطاقة الشمسية إلى تركيب وصيانة الألواح الشمسية. كما وفرت مشاريع طاقة الرياح، مثل مزرعة الرياح في الطفيلة، فرص عمل في البناء والتشغيل والهندسة.
بالإضافة إلى المشاريع واسعة النطاق، يشهد الأردن أيضا نموا في مبادرات الطاقة المتجددة الصغيرة النطاق. تتبنى الأسر والشركات بشكل متزايد أنظمة الطاقة الشمسية للاستهلاك الذاتي، مما يخلق طلبا على الفنيين المهرة والتركيب وموظفي الصيانة. لا يعزز نموذج إنتاج الطاقة اللامركزي هذا الاستدامة فحسب، بل يوفر أيضا فرص عمل في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في المناطق الريفية.
·الحفاظ على المياه والزراعة المستدامة
نظرا لمكانة الأردن كواحد من أكثر البلدان ندرة في المياه في العالم، فإن الحفاظ على المياه هو مجال حاسم للعمالة الخضراء. دعمت الحكومة والمنظمات الدولية العديد من المبادرات التي تهدف إلى تحسين إدارة المياه وتعزيز الممارسات الزراعية الفعالة. وتشمل هذه المبادرات تعزيز أنظمة الري بالتنقيط، التي تقلل بشكل كبير من استخدام المياه مقارنة بأساليب الزراعة التقليدية.
الزراعة المستدامة هي قطاع آخر متنامي، حيث يسعى الأردن إلى تحقيق التوازن بين الأمن الغذائي والاستدامة البيئية. تكتسب البرامج التي تشجع الزراعة العضوية، واستخدام الأسمدة الصديقة للبيئة، والحراجة الزراعية زخما. توفر هذه المبادرات فرص عمل في أدوار الزراعة والبحث والتدريب التي تركز على زيادة الإنتاجية الزراعية مع تقليل التأثير البيئي. علاوة على ذلك، بدأ الترويج للزراعة المائية - وهي طريقة موفرة للمياه لزراعة المحاصيل بدون تربة - في خلق فرص عمل في كل من المناطق الحضرية والريفية، مما ساهم في جهود الأمن الغذائي والحفاظ على المياه في البلاد.
·إدارة النفايات وإعادة التدوير
إدارة النفايات هو قطاع ذو إمكانات هائلة لخلق فرص عمل خضراء في الأردن، على الرغم من أنه لا يزال متخلفا. أدى التحضر السريع في البلاد إلى زيادة حادة في توليد النفايات الصلبة، والتي ينتهي الكثير منها في مدافن النفايات، مما يشكل مخاطر بيئية وصحية. في الوقت الحالي، يتم إعادة تدوير نسبة صغيرة فقط من النفايات، ولكن هناك جهود جارية لتوسيع البنية التحتية لإدارة النفايات وخلق فرص عمل تتعلق بإعادة التدوير ومشاريع تحويل النفايات إلى طاقة والتخلص المستدام من النفايات.
اتخذت أمانة عمان الكبرى خطوات نحو تحسين ممارسات إدارة النفايات، لا سيما من خلال برنامج عمان للتنمية الخضراء. يهدف هذا البرنامج إلى تنفيذ مبادرات تحويل النفايات إلى طاقة وتحسين أنظمة إعادة التدوير في المدينة، وخلق فرص عمل جديدة في فرز ومعالجة وإعادة تدوير المواد مثل البلاستيك والمعادن والنفايات العضوية. لا تساعد هذه الوظائف في تقليل التأثير البيئي للنفايات فحسب، بل توفر أيضا فرص عمل مستقرة للعمال ذوي المهارات المنخفضة والأفراد من المجتمعات المهمشة. على سبيل المثال، تم إطلاق مشاريع إعادة التدوير الصغيرة في مدن مختلفة، حيث توظف أشخاصا في جمع النفايات وفرزها. كما تشجع هذه المبادرات المشاركة المجتمعية، وترفع الوعي العام بالفوائد البيئية والاقتصادية لإعادة التدوير.
بالإضافة إلى إدارة النفايات، هناك فرص ناشئة في مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة، حيث يتم تحويل مواد النفايات إلى طاقة. لا تساعد هذه المشاريع في الحد من نفايات مدافن النفايات فحسب، بل تساهم أيضا في تحقيق أهداف الطاقة المتجددة في الأردن. ومن خلال توسيع هذا القطاع، يمكن للأردن خلق فرص عمل خضراء في مجالات البناء والهندسة وإنتاج الطاقة، مع التصدي في الوقت نفسه لتحديات إدارة النفايات.
·السياحة البيئية: قطاع توظيف أخضر متخصص
السياحة البيئية هي قطاع آخر تظهر فيه فرص العمل الخضراء في الأردن. لطالما كان التراث الثقافي الغني للبلاد والمناظر الطبيعية، مثل البتراء ووادي رم والبحر الميت، من مناطق الجذب السياحي. ومع ذلك، هناك اهتمام متزايد بتعزيز السياحة المستدامة، مما يقلل من البصمة البيئية للأنشطة السياحية مع دعم المجتمعات المحلية.
وقد لعبت برامج مثل الجمعية الملكية لحماية الطبيعة دورا أساسيا في تطوير السياحة البيئية في الأردن. تدير الجمعية الملكية لحماية الطبيعة المناطق المحمية مثل محمية ضانا للمحيط الحيوي ومحمية غابات عجلون، والتي توظف السكان المحليين في أدوار مثل حراس الحدائق والمرشدين السياحيين البيئيين وموظفي الحفاظ على البيئة. تساهم هذه الوظائف في حماية التنوع البيولوجي وخلق سبل عيش مستدامة للمجتمعات التي تعيش في هذه المناطق وحولها. يمثل التوسع في السياحة البيئية في الأردن فرصة لخلق المزيد من فرص العمل الخضراء في المجالات المتعلقة بالحفظ والضيافة المستدامة والتعليم البيئي.
·المبادرات الحكومية ودعم الوظائف الخضراء
بذلت الحكومة الأردنية جهودا لتعزيز العمالة الخضراء من خلال سياسات وبرامج مختلفة، على الرغم من أن هذه الجهود لا تزال في المراحل المبكرة. يقدم الصندوق الأردني للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (JREEEF) ، الذي أنشئ تحت إشراف وزارة الطاقة والثروة المعدنية، الدعم المالي لمشاريع الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، بهدف خلق فرص عمل في هذه القطاعات. دعم الصندوق مبادرات في مجال الطاقة الشمسية السكنية والمباني العامة الموفرة للطاقة ومشاريع الطاقة المتجددة في المجتمعات الريفية، مما ساهم في خلق فرص عمل في التركيب والتشغيل والصيانة.
بالإضافة إلى ذلك، وضعت الحكومة خططا وطنية للنمو الأخضر، مثل الخطة الوطنية للنمو الأخضر (NGGP) وخارطة طريق الاقتصاد الأخضر، والتي تحدد استراتيجيات لتعزيز اقتصاد أكثر اخضرارا وزيادة فرص العمل في قطاعات مثل الطاقة المتجددة وإدارة المياه والحد من النفايات. وتؤكد هذه الخطط على أهمية خلق فرص عمل خضراء كجزء من التنمية الاقتصادية والبيئية في الأردن، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من التنفيذ والاستثمار لتوسيع نطاق هذه الجهود.
4.التحديات التي تواجه توسيع نطاق العمالة الخضراء في الأردن
في حين أحرز الأردن تقدما ملحوظا في تعزيز العمالة الخضراء، لا تزال هناك العديد من التحديات التي تعيق التوسع في الوظائف المستدامة عبر القطاعات الرئيسية. وتنبع هذه التحديات من القيود الاقتصادية، والفجوات في المهارات في القوى العاملة، وأوجه القصور في السياسات واللوائح التنظيمية، والعوامل الاجتماعية والثقافية. إن معالجة هذه العقبات أمر ضروري لإطلاق الإمكانات الكاملة للعمالة الخضراء في الأردن.
·التحديات الاقتصادية
أحد العوائق الرئيسية أمام نمو العمالة الخضراء في الأردن هو الوضع الاقتصادي العام للبلاد. واجه الاقتصاد الأردني ضغوطا كبيرة في السنوات الأخيرة بسبب عدم الاستقرار الإقليمي، لا سيما تدفق اللاجئين من البلدان المجاورة، مما أدى إلى إجهاد البنية التحتية والخدمات العامة في البلاد. كما أدى ارتفاع الدين العام ومحدودية الحيز المالي إلى تقييد قدرة الحكومة على الاستثمار في المبادرات الخضراء واسعة النطاق.
• محدودية الوصول إلى التمويل للمشاريع الخضراء: غالبا ما يتطلب تطوير الصناعات الخضراء استثمارات كبيرة مقدما في البنية التحتية والتكنولوجيا والتدريب. وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزه الأردن في قطاعات مثل الطاقة المتجددة، لا تزال البلاد تواجه تحديات في تأمين التمويل الكافي لتوسيع نطاق هذه المشاريع. قد يتردد المستثمرون في تمويل التقنيات الخضراء الجديدة وغير المثبتة ، خاصة في بلد ذي موارد مالية محدودة. علاوة على ذلك، غالبا ما تكافح الشركات المحلية، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، للحصول على قروض أو استثمارات للمبادرات الخضراء بسبب ارتفاع التكاليف والمخاطر المتصورة.
• الاعتماد على الصناعات التقليدية: لا يزال الاقتصاد الأردني يعتمد بشكل كبير على الصناعات التقليدية مثل الوقود الأحفوري والزراعة والتصنيع، والتي لا تتماشى دائما مع الأهداف الخضراء. يتطلب تحويل الموارد والعمالة نحو القطاعات المستدامة تغييرات هيكلية كبيرة، والتي يمكن أن تكون مكلفة ومدمرة على المدى القصير. قد تقاوم الصناعات الراسخة في الأساليب التقليدية الانتقال إلى ممارسات أكثر صداقة للبيئة بسبب المخاطر المالية التي تنطوي عليها.
·الفجوات التعليمية والمهارية
تتطلب الوظائف الخضراء مجموعة محددة من المهارات، والعديد منها جديد نسبيا ومتخصص. لسوء الحظ، فإن نظام التعليم وبرامج تدريب القوى العاملة في الأردن ليست مجهزة بالكامل لتلبية الطلب المتزايد على المهارات الخضراء.
• عدم وجود برامج تدريبية متخصصة: في حين أن الأردن لديه قوة عاملة متعلمة تعليما عاليا، إلا أن هناك عدم توافق بين المهارات التي يوفرها نظام التعليم وتلك المطلوبة للوظائف الخضراء. برامج التدريب المهني التي تركز على الطاقة المتجددة وإدارة النفايات والزراعة المستدامة محدودة النطاق والتوافر. تتطلب العديد من الوظائف الخضراء خبرة فنية في مجالات مثل تركيب الألواح الشمسية وكفاءة الطاقة والإدارة البيئية ، ومع ذلك هناك عدد قليل من مسارات التعليم الرسمية التي تلبي احتياجات هذه الصناعات.
• الوعي العام المحدود حول المهن الخضراء: لا يدرك العديد من الباحثين عن عمل في الأردن، وخاصة الشباب، تماما الفرص المحتملة المتاحة في الاقتصاد الأخضر. غالبا ما ينظر إلى المسارات الوظيفية التقليدية ، مثل تلك الموجودة في الحكومة أو الصناعات القائمة ، على أنها أكثر استقرارا ومرموقة. ونتيجة لذلك، يكافح القطاع الأخضر لجذب المواهب، على الرغم من إمكاناته للنمو.
·السياسات والحواجز التنظيمية
ومن التحديات الكبيرة الأخرى التي تواجه توسيع فرص العمل الخضراء في الأردن عدم وجود سياسة قوية وإطار تنظيمي يدعم نمو الصناعات المستدامة.
• حوافز غير كافية للشركات الخضراء: في حين قدمت الحكومة بعض المبادرات لدعم الطاقة المتجددة والصناعات الخضراء، هناك حاجة إلى سياسات أكثر شمولا لتشجيع الشركات على تبني ممارسات مستدامة. هناك حوافز مالية محدودة، مثل الإعفاءات الضريبية أو الإعانات، للشركات التي تستثمر في التقنيات الخضراء، أو تنتقل إلى عمليات أكثر استدامة. وفي بعض الحالات، يمكن للعقبات البيروقراطية وعمليات الموافقة المطولة أن تثبط الاستثمار في المشاريع الخضراء.
• تطبيق غير متسق للأنظمة البيئية: نفذ الأردن العديد من قوانين حماية البيئة، ولكن يمكن أن يكون التنفيذ غير متسق. هذا النقص في الرقابة التنظيمية يقوض الجهود المبذولة لتعزيز الصناعات الخضراء، حيث قد لا تكون الشركات مسؤولة عن الممارسات الضارة بيئيا. بدون لوائح واضحة وقابلة للتنفيذ، يصبح من الصعب خلق مجال متكافئ للشركات الخضراء لتزدهر.
·التحديات الاجتماعية والثقافية
وإلى جانب الحواجز الاقتصادية والتنظيمية، تلعب العوامل الاجتماعية والثقافية أيضا دورا في الحد من التوسع في العمالة الخضراء في الأردن.
• مقاومة التغيير: كما هو الحال في العديد من البلدان، لا يتطلب الانتقال إلى اقتصاد أكثر اخضرارا في الأردن تغييرات هيكلية فحسب، بل يتطلب أيضا تحولا في العقلية. يمكن أن يكون كل من الأفراد والشركات مقاوما للتغيير، خاصة عندما يتعلق الأمر بتقنيات أو ممارسات جديدة قد تبدو في البداية مكلفة أو غير مألوفة. العديد من الصناعات التقليدية بطيئة في تبني الممارسات الخضراء بسبب المخاوف بشأن العبء المالي المباشر والمخاطر المتصورة
• التفاوت بين الجنسين في الوظائف الخضراء: في حين أن العمالة الخضراء لديها القدرة على خلق فرص عمل لكل من الرجال والنساء، لا يزال عدم المساواة بين الجنسين يمثل تحديا في القوى العاملة في الأردن. تواجه النساء في الأردن حواجز ثقافية واجتماعية تحد من مشاركتهن في صناعات معينة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) – وهي مجالات مهمة للعديد من الوظائف الخضراء. وبدون سياسات هادفة لتعزيز المساواة بين الجنسين في الاقتصاد الأخضر، قد لا تتحقق الإمكانات الكاملة لخلق فرص العمل
• الوعي والتحديات السلوكية: لا يزال الوعي العام بالقضايا البيئية وفوائد العمالة الخضراء منخفضا نسبيا في الأردن. يعطي العديد من الأفراد والشركات الأولوية للمكاسب الاقتصادية قصيرة الأجل على الاستدامة طويلة الأجل. يتطلب تغيير عادات الاستهلاك وتشجيع الممارسات الصديقة للبيئة حملات تثقيف وتوعية عامة شاملة
5.فرص النمو في العمالة الخضراء في الأردن
على الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها الأردن في توسيع قطاع التوظيف الأخضر، إلا أن هناك فرصا كبيرة للنمو. يخلق التحول العالمي نحو التنمية المستدامة والقدرة على الصمود في وجه تغير المناخ بيئة مواتية للأردن للاستفادة من موارده الطبيعية وموقعه الاستراتيجي والقوى العاملة الشابة لتوليد فرص عمل خضراء. وتشمل هذه الفرص قطاعات مختلفة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، وإدارة النفايات، والسياحة البيئية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
·الطاقة المتجددة: محرك رئيسي للوظائف الخضراء
يعد قطاع الطاقة المتجددة أحد أكثر المجالات الواعدة لخلق فرص العمل الخضراء في الأردن. إن موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الوفيرة في الأردن تجعله رائدا إقليميا في إنتاج الطاقة النظيفة. وقد أحرزت البلاد بالفعل تقدما كبيرا في تسخير الطاقة المتجددة، ويوفر التوسع الإضافي في هذا القطاع إمكانات كبيرة لخلق فرص عمل في العديد من الصناعات.
§الطاقة الشمسية: مع واحد من أعلى مستويات الإشعاع الشمسي في العالم، فإن الأردن مناسب تماما للاستفادة من الطاقة الشمسية. وقد خلقت مزارع الطاقة الشمسية واسعة النطاق، مثل محطتي شمس معان وقويرة للطاقة الشمسية، العديد من فرص العمل في البناء والهندسة والصيانة. توفر الطبيعة اللامركزية لإنتاج الطاقة الشمسية أيضا فرصا للعمل في منشآت الألواح الشمسية الأصغر حجما للمنازل والشركات والمباني الحكومية. تتراوح هذه الوظائف من التصنيع والتركيب إلى الصيانة والدعم الفني، مما يوفر فرصا لكل من العمال ذوي المهارات العالية والمنخفضة.
§طاقة الرياح: توفر ممرات الرياح القوية في الأردن، لا سيما في المنطقة الجنوبية، فرصا إضافية للعمالة الخضراء. وقد أظهرت مشاريع مثل مزرعة الرياح في الطفيلة بالفعل إمكانية خلق فرص عمل في البناء والصيانة والتشغيل. ومع تطوير المزيد من مزارع الرياح، يمكن للأردن أن يولد فرص عمل إضافية في مجالات الهندسة وإدارة المشاريع وتكامل شبكات الطاقة.
§كفاءة الطاقة: بالإضافة إلى إنتاج الطاقة المتجددة، هناك إمكانات كبيرة لخلق فرص العمل في تدابير كفاءة الطاقة. إن إعادة تجهيز المباني لتلبية معايير كفاءة الطاقة، وتحديث البنية التحتية العامة، وتحسين استخدام الطاقة في الصناعات، كلها تتطلب عمالة ماهرة. لا تقلل هذه المبادرات من استهلاك الطاقة في البلاد فحسب، بل تخلق أيضا فرص عمل في البناء والتعديل التحديثي وتدقيق الطاقة.
·الزراعة المستدامة والحفاظ على المياه
ويعد القطاع الزراعي في الأردن مجالا آخر ناضجا لنمو الوظائف الخضراء، لا سيما في ضوء ندرة المياه الحادة في البلاد. من خلال اعتماد الممارسات الزراعية المستدامة والتقنيات الموفرة للمياه، يمكن للأردن تحسين الأمن الغذائي، والحد من التدهور البيئي، وخلق فرص العمل في المناطق الريفية.
§الزراعة الموفرة للمياه: توفر تقنيات مثل الري بالتنقيط والزراعة المائية فرصا لخلق فرص عمل تركز على تحسين استخدام المياه في الزراعة. تتطلب هذه التقنيات عمالا مهرة للتركيب والصيانة والتدريب، لا سيما في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن توسيع نطاق البحث والتطوير في المحاصيل المقاومة للجفاف والتقنيات الزراعية المبتكرة يمكن أن يخلق فرص عمل في كل من البحوث الزراعية والتعليم.
§الزراعة العضوية والمستدامة: مع نمو الطلب العالمي على الأغذية العضوية والمنتجة بشكل مستدام، لدى الأردن الفرصة لتطوير قطاع الزراعة العضوية. وهذا يشمل خلق فرص عمل في الزراعة العضوية والمعالجة والتسويق. وعلاوة على ذلك، يمكن للممارسات الزراعية المستدامة، مثل الحراجة الزراعية والزراعة المستدامة، أن تساعد في استعادة الأراضي المتدهورة وتحسين التنوع البيولوجي، مع توفير فرص العمل في إدارة الأراضي وحفظها.
·إدارة النفايات وإعادة التدوير
توفر إدارة النفايات وإعادة تدويرها إمكانات هائلة لخلق فرص عمل خضراء في الأردن. مع استمرار التحضر، ينمو الطلب على حلول إدارة النفايات الفعالة والمستدامة، مما يوفر العديد من فرص العمل في جمع النفايات ومعالجتها وإعادة تدويرها.
§مبادرات إعادة التدوير: يمكن أن يؤدي توسيع البنية التحتية لإعادة التدوير في الأردن إلى خلق فرص عمل في مجال جمع النفايات وفرزها وإعادة تدويرها. يمكن أن يشمل ذلك إنشاء مراكز إعادة التدوير التي توظف العمال لجمع ومعالجة وإعادة استخدام المواد مثل البلاستيك والمعادن والورق. بالإضافة إلى إعادة التدوير التقليدية، هناك إمكانية لخلق فرص عمل في صناعات إعادة التدوير وإعادة الاستخدام، والتي تعيد استخدام مواد النفايات في منتجات جديدة.
§مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة: توفر تكنولوجيات تحويل النفايات إلى طاقة، التي تحول النفايات إلى طاقة قابلة للاستخدام، المزيد من الفرص لخلق فرص العمل. تتطلب هذه المشاريع عمالا في إنتاج الطاقة والهندسة وإدارة المشاريع، بالإضافة إلى فنيين متخصصين لتشغيل وصيانة محطات تحويل النفايات إلى طاقة. يمكن أن يؤدي توسيع مبادرات تحويل النفايات إلى طاقة في الأردن إلى تقليل نفايات مدافن النفايات وتوفير الطاقة المتجددة في الوقت نفسه، وخلق فرص عمل في كل من إدارة النفايات وإنتاج الطاقة.
·السياحة البيئية والحفاظ عليها
يوفر التراث الطبيعي والثقافي الفريد للأردن فرصا لنمو الوظائف الخضراء من خلال السياحة البيئية والحفاظ عليها. مع تزايد الاهتمام العالمي بالسياحة المستدامة، يمكن للأردن الاستفادة من مناطق الجذب الطبيعية مع تعزيز الحفاظ على البيئة.
§مبادرات السياحة البيئية: إن تعزيز السياحة البيئية في الأردن، لا سيما في المناطق المحمية مثل وادي رم ومحمية ضانا للمحيط الحيوي ومحمية غابات عجلون، لديه القدرة على خلق فرص عمل في مجالات الإرشاد والضيافة والحفاظ والتعليم البيئي. لا تدعم هذه الأدوار الاقتصاد المحلي فحسب، بل تعمل أيضا على زيادة الوعي بأهمية حماية البيئة. يمكن أن تشمل فرص العمل المرشدين البيئيين، وحراس الحدائق، ودعاة الحفاظ على البيئة، وموظفي النزل الصديقة للبيئة والشركات السياحية.
§الاستدامة الثقافية والتاريخية: بالإضافة إلى السياحة البيئية الطبيعية، يمكن للأردن خلق فرص عمل من خلال تعزيز الحفاظ على تراثه الثقافي والتاريخي من خلال الممارسات المستدامة. يمكن للبرامج التي تدمج حماية المواقع الثقافية مع الاستدامة البيئية أن توظف العمال في الترميم والتخطيط السياحي المستدام ومبادرات السياحة المجتمعية التي تؤكد على دور السكان المحليين في إدارة السياحة البيئية والاستفادة منها.
·الشراكات بين القطاعين العام والخاص: محفز للتوظيف الأخضر
تمثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص فرصة رئيسية لتعزيز نمو الوظائف الخضراء في الأردن. من خلال التعاون مع المنظمات الدولية والشركات الخاصة والحكومات المحلية، يمكن للأردن حشد الاستثمار والخبرة والابتكار لدفع عجلة تطوير الصناعات الخضراء.
§التعاون الدولي: لعبت شراكات الأردن مع منظمات مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي دورا أساسيا في تمويل المشاريع الخضراء، لا سيما في مجال الطاقة المتجددة وإدارة المياه. ويجلب هذا التعاون الموارد المالية والخبرات الفنية إلى الأردن، والتي يمكن الاستفادة منها لخلق وظائف خضراء في مختلف القطاعات.
§تحفيز استثمارات القطاع الخاص: يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دورا حاسما في توسيع نطاق العمالة الخضراء من خلال الاستثمار في التقنيات والممارسات المستدامة. يمكن للحكومة تحفيز الشركات الخاصة على تبني الحلول الخضراء من خلال تقديم إعفاءات ضريبية وإعانات ومنح للمشاريع الخضراء. إن تشجيع مشاركة القطاع الخاص في مجالات مثل إنتاج الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة والسياحة البيئية من شأنه أن يخلق فرص عمل ويدفع الابتكار.
6.استراتيجيات لزيادة العمالة الخضراء في الأردن
لإطلاق الإمكانات الكاملة للعمالة الخضراء في الأردن، من الأهمية بمكان تنفيذ استراتيجيات مستهدفة تعالج التحديات الحالية مع اغتنام الفرص المتاحة. ومن خلال تعزيز بيئة السياسات الداعمة، والاستثمار في التعليم وتنمية المهارات، وتشجيع الابتكار، وزيادة الوعي العام، يمكن للأردن توسيع قطاع الوظائف الخضراء بشكل كبير. فيما يلي العديد من الاستراتيجيات الرئيسية التي يمكن أن تسرع نمو العمالة المستدامة في البلاد.
·توصيات السياسات لدعم العمالة الخضراء
يعد إنشاء إطار سياسات داعم أمرا ضروريا لتشجيع العمالة الخضراء وتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة في الأردن. وهذا يتطلب من الحكومة اعتماد سياسات واضحة وشاملة تحفز الشركات، وتحمي البيئة وتعزز الصناعات الخضراء.
• وضع استراتيجية وطنية للوظائف الخضراء: ينبغي وضع استراتيجية منسقة تقودها الحكومة للوظائف الخضراء، تحدد أهدافا محددة، وقطاعات التركيز، والجداول الزمنية للتنفيذ. وينبغي أن تتماشى هذه الاستراتيجية مع الأهداف الإنمائية الأوسع للأردن، مثل رؤية 2025، والتزاماته بموجب الاتفاقيات البيئية الدولية مثل اتفاق باريس.
• تحفيز الصناعات الخضراء من خلال الإعفاءات الضريبية والإعانات: يمكن للحكومة أن تلعب دورا رئيسيا في تشجيع الشركات على تبني ممارسات مستدامة من خلال تقديم حوافز مالية. يمكن أن تساعد الإعفاءات الضريبية أو الإعانات المقدمة للشركات التي تستثمر في الطاقة المتجددة أو الزراعة المستدامة أو التقنيات الخضراء في تقليل العبء المالي للانتقال إلى ممارسات أكثر صداقة للبيئة. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تقديم الدعم لمنشآت الطاقة الشمسية أو مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة إلى دفع الاستثمار في هذه القطاعات، وخلق فرص عمل في هذه العملية.
• تعزيز اللوائح البيئية وإنفاذها: يعد ضمان إنفاذ اللوائح البيئية الحالية بشكل متسق وشفاف أمرا بالغ الأهمية لخلق فرص متكافئة للصناعات الخضراء. على الحكومة إعطاء الأولوية لإنفاذ ضوابط التلوث، ولوائح إدارة النفايات، ومعايير كفاءة الطاقة. ومن خلال مساءلة الصناعات، يمكن للأردن تشجيع الشركات على الاستثمار في تقنيات وممارسات أكثر مراعاة للبيئة، مما يؤدي إلى خلق فرص عمل في أدوار الامتثال والمراقبة والتدقيق.
• تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص: ينبغي للحكومة أن تشجع بنشاط الشراكات بين القطاعين العام والخاص لدفع الاستثمار في الصناعات الخضراء. ويمكن أن تكون الشراكات بين القطاعين العام والخاص مفيدة في تعبئة الموارد والخبرات والابتكار، وخاصة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، وإدارة النفايات، والسياحة المستدامة. ويمكن للحكومة أن تلعب دورا رئيسيا من خلال تسهيل هذا التعاون وتقديم أطر داعمة تشجع مشاركة القطاع الخاص.
·التعليم والتدريب: بناء قوة عاملة خضراء ماهرة
ولتلبية الطلب المتزايد على الوظائف الخضراء، يجب على الأردن الاستثمار في برامج التعليم والتدريب التي تزود القوى العاملة بالمهارات اللازمة للازدهار في الاقتصاد الأخضر. وهذا يتطلب التعاون بين الحكومة والمؤسسات التعليمية ومنظمات القطاع الخاص لتطوير المناهج وبرامج التدريب المهني ذات الصلة.
• دمج المهارات الخضراء في المناهج المدرسية والجامعية: يجب أن تتضمن الاستراتيجية طويلة الأجل لزيادة العمالة الخضراء في الأردن دمج الاستدامة والدراسات البيئية في النظام التعليمي. في المرحلتين الابتدائية والثانوية ، يمكن للتعليم البيئي زيادة الوعي حول الاستدامة وإلهام المهن المستقبلية في الصناعات الخضراء. على المستوى الجامعي ، يجب توسيع برامج الدرجات المتخصصة في الطاقة المتجددة ، والهندسة البيئية ، والزراعة المستدامة ، والسياحة البيئية لتزويد الطلاب بالمعرفة التقنية اللازمة للوظائف الخضراء.
• توسيع برامج التدريب المهني وإصدار الشهادات: ينبغي تطوير برامج التدريب المهني لتوفير خبرة عملية وعملية في القطاعات الخضراء. على سبيل المثال، من شأن إنشاء برامج اعتماد لتركيب الألواح الشمسية، وصيانة توربينات الرياح، وتدقيق الطاقة أن يساعد في بناء قوة عاملة مجهزة لتلبية احتياجات صناعة الطاقة المتجددة المتنامية في الأردن. بالإضافة إلى ذلك، فإن برامج التدريب الزراعي التي تركز على تقنيات الحفاظ على المياه والممارسات الزراعية المستدامة ستدعم خلق فرص العمل في المناطق الريفية.
• تشجيع مبادرات التدريب بين القطاعين العام والخاص: يعد التعاون بين القطاعين العام والخاص أمرا ضروريا لإنشاء برامج تدريبية ذات صلة وفعالة. يمكن الاستفادة من الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتصميم وتقديم برامج تدريبية تلبي الاحتياجات المحددة للصناعات الخضراء. على سبيل المثال، يمكن لشركات الطاقة المتجددة أن تدخل في شراكة مع المدارس المهنية أو المعاهد الفنية لتوفير التدريب أثناء العمل في تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وبالمثل ، يمكن لشركات إدارة النفايات العمل مع الحكومات المحلية لتدريب العمال على إعادة التدوير ، وعمليات تحويل النفايات إلى طاقة ، وممارسات الإدارة المستدامة للنفايات.
• تعزيز ريادة الأعمال والابتكار في الصناعات الخضراء: يمكن للأردن تعزيز ثقافة الابتكار من خلال دعم الشركات الناشئة الخضراء والشركات الصغيرة من خلال المنح والحاضنات والمسرعات. ويمكن أن تساعد هذه المبادرات رواد الأعمال الشباب على تطوير تقنيات خضراء جديدة أو نماذج أعمال مستدامة تخلق فرص عمل مع معالجة التحديات البيئية في البلاد. يمكن للحاضنات المدعومة من الحكومة أو الشراكات مع المنظمات الدولية توفير الدعم المالي والإرشاد والوصول إلى الأسواق لأصحاب المشاريع الخضراء.
·تعزيز الابتكار واعتماد التكنولوجيا
يقع الابتكار في صميم توسيع فرص العمل الخضراء، ويجب على الأردن أن يضع نفسه كرائد إقليمي في تطوير واعتماد التقنيات الخضراء. إن تشجيع الابتكار في القطاعات الرئيسية مثل الطاقة المتجددة وإدارة المياه والزراعة المستدامة سيساعد البلاد على خلق وظائف عالية الجودة وتحقيق أهدافها البيئية.
• دعم البحث والتطوير في مجال التكنولوجيات الخضراء: يمكن للحكومة أن تلعب دورا حاسما في دعم البحث والتطوير من خلال تقديم المنح والتمويل للجامعات والمؤسسات البحثية والشركات الخاصة التي تطور التكنولوجيات الخضراء. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي البحث في تقنيات الطاقة الشمسية الجديدة، والأنظمة الموفرة للطاقة، والممارسات الزراعية الموفرة للمياه إلى اختراقات تخلق فرص عمل وتعزز القدرة التنافسية للأردن في الأسواق الخضراء العالمية. كما يمكن لمشاريع البحث والتطوير التعاونية مع الشركاء الدوليين أن تجلب الخبرة والاستثمار إلى البلاد.
• تعزيز نقل التكنولوجيا وتبادل المعرفة: يمكن للأردن الاستفادة من نقل التقنيات الخضراء والمعرفة من الاقتصادات الأكثر تقدما. من خلال المشاركة في التعاون والاتفاقيات الدولية، يمكن للأردن الوصول إلى أحدث التقنيات في مجال الطاقة المتجددة والحفاظ على المياه وإدارة النفايات. يجب أن تشجع السياسات الحكومية الشراكات مع الشركات والمنظمات الدولية التي يمكن أن تساعد في جلب هذه التقنيات إلى الأردن، وخلق فرص عمل في تنفيذها وصيانتها.
• توسيع استخدام التقنيات الرقمية في الصناعات الخضراء: يمكن للتقنيات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي (الذكاء الاصطناعي) وإنترنت الأشياء (IoT) وتحليلات البيانات الضخمة أن تلعب دورا حاسما في تحسين كفاءة الصناعات الخضراء. على سبيل المثال، يمكن للشبكات الذكية تحسين إدارة الطاقة المتجددة، في حين يمكن لتقنيات الزراعة الدقيقة أن تساعد المزارعين على تحسين استخدام المياه والأسمدة. من خلال الاستثمار في المهارات الرقمية والبنية التحتية، يمكن للأردن خلق وظائف خضراء عالية التقنية تدعم النمو المستدام لاقتصاده.
·إشراك الدعم والتعاون الدوليين
سيكون التعاون الدولي ضروريا لتوسيع نطاق العمالة الخضراء في الأردن، لا سيما من حيث الوصول إلى الموارد المالية والخبرات وأفضل الممارسات. يمكن للأردن تعزيز علاقاته مع المنظمات الدولية والجهات المانحة والمستثمرين من القطاع الخاص لإنشاء نظام بيئي داعم لنمو الوظائف الخضراء.
• الاستفادة من التمويل والخبرات الدولية: لعبت المنظمات الدولية مثل البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والاتحاد الأوروبي دورا أساسيا في دعم مبادرات الاقتصاد الأخضر في الأردن. يمكن لهذه المنظمات تقديم المساعدة المالية الهامة والخبرة الفنية للمساعدة في توسيع الصناعات الخضراء. يجب على الأردن مواصلة العمل مع هؤلاء الشركاء لتأمين التمويل لمشاريع البنية التحتية الخضراء وبرامج التدريب ومبادرات التنمية المستدامة.
• التعلم من نماذج التوظيف الخضراء الناجحة في البلدان الأخرى: يمكن للأردن أن يتعلم من تجارب البلدان التي نفذت بنجاح استراتيجيات الوظائف الخضراء. على سبيل المثال، طورت دول مثل ألمانيا والدنمارك قطاعات مزدهرة للطاقة المتجددة، وخلقت الآلاف من فرص العمل في هذه العملية. وبالمثل، أحرزت دول مثل هولندا تقدما كبيرا في الزراعة المستدامة، في حين تقدمت كوريا الجنوبية في إدارة النفايات وإعادة التدوير. ومن خلال دراسة هذه النماذج، يمكن للأردن تكييف الممارسات الناجحة مع سياقه المحلي وتسريع نمو الوظائف الخضراء.
·رفع مستوى الوعي العام والمشاركة
الوعي العام والمشاركة أمران حاسمان لبناء الدعم لمبادرات التوظيف الأخضر. من خلال تثقيف الجمهور حول فوائد الوظائف المستدامة والتحديات البيئية التي يواجهها الأردن، يمكن للحكومة وأصحاب المصلحة الآخرين إلهام مشاركة أوسع في الصناعات الخضراء.
• إطلاق حملات وطنية لتعزيز فوائد الوظائف الخضراء: يمكن للحكومة ومنظمات المجتمع المدني تنظيم حملات توعية لتثقيف الجمهور حول الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للعمالة الخضراء. يمكن أن تسلط هذه الحملات الضوء على قصص نجاح الأفراد والشركات التي تبنت الوظائف الخضراء ، مما يوضح كيف يمكن للممارسات المستدامة أن تؤدي إلى فرص عمل ذات مغزى.
• إشراك المجتمعات المحلية في المشاريع الخضراء: يمكن أن تكون المبادرات الخضراء المجتمعية وسيلة فعالة لزيادة الوعي وخلق فرص عمل على المستوى الشعبي. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي إشراك المجتمعات المحلية في برامج إعادة التدوير، أو مشاريع الحفاظ على المياه، أو مبادرات السياحة البيئية إلى تعزيز الشعور بالملكية والمسؤولية عن الاستدامة البيئية. ويمكن أن تضمن المشاركة المجتمعية أيضا توزيع فرص العمل الخضراء بشكل أكثر إنصافا عبر المناطق الحضرية والريفية، مما يساعد على الحد من عدم المساواة والفقر.
خاتمة: مسار إلى الأمام للتوظيف الأخضر في الأردن
ومن خلال تنفيذ هذه الاستراتيجيات، يمكن للأردن اتخاذ خطوات مهمة نحو توسيع فرص العمل الخضراء وبناء اقتصاد أكثر استدامة. من خلال السياسات المستهدفة والتعليم والتدريب والابتكار والتعاون الدولي، فإن البلاد لديها الفرصة لخلق الآلاف من الوظائف الخضراء التي تعالج التحديات البيئية الملحة مع تعزيز النمو الاقتصادي. ومع ذلك، ستتطلب هذه الجهود قيادة قوية، وإجراءات منسقة عبر القطاعات، واستثمارات مستدامة من الجهات الفاعلة العامة والخاصة على حد سواء. إذا نجحت، يمكن للأردن أن يبرز كرائد إقليمي في الاقتصاد الأخضر، مع قوة عاملة مجهزة تجهيزا جيدا لتلبية متطلبات المستقبل.
تمثل العمالة الخضراء فرصة كبيرة للأردن لمواجهة تحدياته البيئية الملحة مع خلق نمو اقتصادي مستدام. مع تحرك العالم نحو نماذج تنمية أكثر اخضرارا واستدامة، فإن الأردن في وضع جيد للاستفادة من موارد الطاقة المتجددة الوفيرة، والمناظر الطبيعية الغنية، والقوى العاملة الشابة لتوسيع الوظائف الخضراء في مختلف القطاعات، بما في ذلك الطاقة المتجددة والزراعة المستدامة وإدارة النفايات والسياحة البيئية. ومع ذلك، يجب على البلاد التغلب على تحديات كبيرة، بما في ذلك التمويل المحدود، والفجوات في المهارات، والحواجز التنظيمية، لتحقيق إمكاناتها بالكامل.
سيتطلب نمو العمالة الخضراء في الأردن نهجا متعدد الأوجه، مدفوعا بسياسات حكومية داعمة، واستثمارات في التعليم والتدريب، وتعزيز الابتكار في التقنيات الخضراء. تعد الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتعاون الدولي أمرا بالغ الأهمية لتوفير الموارد المالية والخبرة الفنية وتبادل المعرفة اللازمة لتوسيع نطاق الصناعات الخضراء. علاوة على ذلك، سيكون رفع مستوى الوعي العام وإشراك المجتمعات المحلية أمرا أساسيا لضمان الدعم الواسع للتحول الأخضر.
ومن خلال تنفيذ استراتيجيات مستهدفة، لا يمكن للأردن تقليل اعتماده على الطاقة المستوردة والتخفيف من التدهور البيئي فحسب، بل يمكنه أيضا خلق فرص عمل هادفة وطويلة الأجل لسكانه. سيتطلب التحول إلى الاقتصاد الأخضر جهودا منسقة من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، ولكن مع وجود السياسات والاستثمارات الصحيحة، يمكن للأردن أن يبرز كرائد في التوظيف المستدام في المنطقة، والمساهمة في كل من المرونة الوطنية والأهداف البيئية العالمية.
تاليا رابط ملف الدراسة PDF
https://heyzine.com/flip-book/bc2b5ac4d3.html?